وجوب صيام رمضان ومكانته
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بُنِي الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان))؛ متفق عليه، وفي لفظ لمسلم: ((وصيام رمضان، والحج))، فقال رجل: الحج، وصيام رمضان؟ قال: "لا، صيام رمضان، والحج"، هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم[1].
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: صيام رمضانَ أحدُ أركان الإسلام ومبانِيه العِظام، وقد أجمع المسلمون على فرضيَّته، فمَن أنكر وجوبه فقد كفر، ويستتاب، فإن تاب وأقرَّ بوجوبه، وإلا قتله الحاكم كافرًا مرتدًّا عن الإسلام.
الفائدة الثانية: ترك صيام رمضان كلِّه، أو ترك بعضه، والإفطار فيه بغير عذرٍ - ذنبٌ عظيم، وكبيرةٌ من كبائر الذنوب، وقد ورد الوعيد الشديد لفاعله؛ حيث ذكر صلى الله عليه وسلم لَمَّا انطلق به المَلَكان فإذا قومٌ معلَّقون بعراقيبهم، مشقَّقة أشداقهم دمًا، قلت: ((مَن هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يُفطِرون قبل تحلَّة صومِهم))[2]، ومَن وقع منه ذلك فعليه التوبةُ إلى الله، وعدم العودة إلى ذلك، ويجب عليه قضاء ما أفطره.
الفائدة الثالثة: يُعذَر بترك الصيام أنواعٌ من الناس؛ منهم:
أولًا: المغمى عليه، وأكثر أهل العلم على أن من أُغمِي عليه يومًا كاملًا من رمضان فأكثر، أنه يقضي ما فاته من الصيام، ولو أغمي عليه الشهر كلَّه، والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿
فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 185]، فنصَّ على أن المريض يجب عليه القضاء، والإغماءُ نوعٌ من المرض، وأما مَن نوى الصيام ثم أغمي عليه بعضَ النهار أو أكثره وأفاق في جزءٍ منه، فإن صيامه صحيح، سواء أكانت إفاقتُه من أول اليوم أم من آخره[3].
ثانيًا: كبير السن الذي لا يستطيع الصيام، أو يشقُّ عليه الصيام مشقَّة ظاهرة، فهذا يُفطِر، ويجب عليه أن يُطعِم مسكينًا عن كل يوم من رمضان، وإذا وصل إلى درجة الخَرَف، زال عنه التكليف ولا يلزمه شيء.
[1] رواه البخاري (8) ومسلم (16).
[2] رواه النسائي في السنن الكبرى 2/ 246 (3286)، وصححه ابن خزيمة 3/ 237 (1986)، وابن حبان 16/ 536 (7491)، وقال الحاكم 1/ 595: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1/ 420: صحيح، وقوله: ((قبل تحلة صومهم))؛ معناه: يفطرون قبل وقت الإفطار.
[3] ينظر: المغني 3/ 11 - 12، والمجموع 6/ 258، والمهذب مع المجموع 6/ 251.
الالوكة