الإهداءات | |
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||
|
|||||||
من روائع سيد قطب رحمه الله
من روائع سيد قطب رحمه الله
من يقرأ هذه الكلمات على الواقع المصاب يصاب بالدهشة البالغة فبعد عملية تبديل بسيط يجد القارئ نفسه أمام تحليل رائع للواقع الحالي وكأن السنين لم تمر والأوضاع لم تتغير ... قبل نصف قرن وبالتحديد عام 1951 م ابقى معي حتى نهاية المقال حتى تعرف منه القائل . على حافية الهاوية ناقوس الحرب يدق ، هاهو ذا يقرع سمع البشرية المنكودة الطالع وكل من عاش في أمريكا في خلال الأعوام الأخيرة يدرك بوضوح أن أمريكا ستحارب كل شيء ينطق بهذه الحقيقة أو يوحي التعبئة العامة لكل قوى الشعب وموارده قائمة على قدم وساق ، وما يغطي هذه التعبئة إلا ستار رقيق من الدبلوماسية قد يحجب الحقائق في خارج أمريكا أما في داخلها فهي أبرز من أن يحجبها ذلك الستار . وكل من يتتبع الصحافة الأمريكية وأجهزة الدعاية الأخرى في الإذاعة والسينما ، بل في داخل المعاهد والجامعات ، يدرك بوضوح أن هذه أمة تستعد للحرب ـ للحرب القريبة ـ وأنها تعبئ الرأي العام ، وتعده إعداداً ثابتا كاملا شاملا وأنها إلا أن تكن هي الحماقة المؤكدة في إنفاق كل هذه الجهود ، فإنها الحرب المؤكدة إذن عن قريب . إن أمريكا تريد أن تحارب ، ولو طاوعتها أوروبا لما صبرت عن الحرب ولكن أوروبا المحطمة كانت أعجز أن تلبي رغبة أمريكا الملحة وهي لا تزال تلعق جراحها ، وتعالج مآسيها ، فضلاً عن أن للشيوعية فيها قوة مذخورة تتهيأ للحظة المنظورة ، وإغراء الدولار كان يملك أن يصنع كل شيء في أوروبا ، إلا أن يدفعها إلى حرب عالمية ثالثة ،، ولهذا وحده صبرت أمريكا . إن رؤوس الأموال الأمريكية في حاجة ملحة إلى حرب جديدة ، هذه هي المسألة ، إن الفتوحات العلمية التي أسرعت خطاها في الحرب الماضية والتجارية التي أفادتها الصناعة تعبئة من الموارد في أيام هذه الحرب ، قد هيأت للصناعة الأمريكية فرصاً جديدة لمضاعفة الإنتاج في الوقت الذي أصبحت مسألة التصريف مسألة عسيرة . ومع أن الأسواق كانت بعد الحرب خاوية وفي حاجة ماسة إلى الإنتاج المدني ، وخالية من المنافسة الأوروبية إلا أن القدرة على الشراء كانت ضعيفة ، وبخاصة في أوروبا المحطمة ، ومعنى هذا هو الكساد بالقياس إلى الإنتاج الأمريكي ، ومعنى الكساد هو الخسارة المؤكدة لرؤوس الأموال الأمريكية . ............... ( فموقف أوروبا الحاضر ، وتلكؤها في الاستجابة لهاتف الحرب ، ومحاولتها تهدئة الأعصاب الأمريكية الثائرة ...... كل أولئك عوامل وقتية للسلام ، وليست ضمانات حقيقية لهذه البشرية المنكودة الطالع ، التي تدفع بها إلى المجزرة مصالح رؤوس الأموال ومطامعها ، وما يكمن وراء هذه المصالح والمطامع من مادية فكرية لا تقيم وزنا لأي عامل أدبي أو روحي على الرغم مما تملأ به دعايتها من تلويح باسم المبادئ الأدبية ، والأهداف الإنسانية ) ( إن طريق الخلاص للبشرية المنكودة الطالع لن يكون الانضمام إلى هذا المعسكر أو ذاك ليسحق أحدهما الآخر سحقا ، ويخلو له وجه العالم يسيطر عليه وحده ويسيّره كما يريد . إن المعركة في صميمها ستدور في أرض غير أرض الكتلتين ستدور في تركيا وإيران والعراق وسورية ، ومصر والشمال الإفريقي وفي باكستان وأفغانستان ، وفي منابع البترول الإيرانية والعربية ... ) إنها ستدمر مواردنا وتحطم حياتنا نحن وتدع أرضنا بقعاً خرابا يباباً ، وسواء علينا انتصرت هذه أم انتصرت تلك ، فسنخرج نحن من المعركة فتاتاً وحطاماً لا كما خرجت أوروبا من الحروب الماضية ولكن كما لم تخرج أمة من حرب قط ، وإذا كانت هيروشيما قد ذهبت مثلا ، بقنبلة ذرية صغيرة ، فنكون نحن تلك الفئران الصغيرة لتجارب القنابل الذرية والقنابل الهيدروجينية ، وغاز الموت الزاحف ، وأشعة الموت السحرية ، وحرب الميكروبات الطائشة وسائر ما يتمخض عنه الذهن الكافر في دنيا الضمير الغربي الملوث . إن دعاة الكتلة الغربية هنا يمنوننا بحل قضايانا المعلقة مع الاستعمار ، إذا نحن انضممنا إلى معسكر الرأسمالية الذي يدعونه معسكر الديمقراطية ! كأننا لم ننظم إلى هذا المعسكر مرتين متواليتين ، وكأننا لم نلدغ من ذلك الجحر مرتين . وأنا أعرف السبب في ذلك الموقف الغريب المريب .. إنه تلك المخالفة الطبيعية بين الرأسمالية المحلية والاستعمار الغربي إنه المصلحة المشتركة بين المحتلين والمستغلين ، إن الطغاة والمستغلين لا يطيقون أن ينزلوا عن القليل مما مردوا عليه من طغيان واستغلال ، وهم يردون جيدا أن الاستعمار هو سندهم الطبيعي وأنه هو الذي خلقهم وأنشأهم ومنحهم النفوذ والثراء ، فهو الذي كافأ الخونة الذين خدعوا جيش عرابي ، وساعدوا جيش الاحتلال في مصر ووهب لهم الضياع والأموال . وماذا على السادة أن تصبح الجماهير وقودا للحرب الجديدة ؟ إن الحروب تضاعف أموالهم وتؤدي عنهم الديون التي تثقل أراضيهم وشركاتهم ، إن كانوا قد أسرفوا على أنفسهم بخسائر القمار ، أو بالمتاع الفاجر الداعر الذي يذهب بالأموال ، وإنهم ليطمئنون في ظل الأحكام العرفية التي تصاحب الحرب إلى حماية أشخاصهم من الفضائح وإلى تكميم الأفواه وتحطيم الأقلام ، وإلى البطش بالأحرار الذي يوقظون الجماهير لحقوق الجماهير ، وإنهم لفي مأمن من ويلات الحرب بأرواحهم كما هم في مأمن منها بأموالهم ، فضريبة الدم لا يؤديها في بلاد الشرق إلا الفقراء ، ولقد رأينا في معارك فلسطين كيف كان الضباط من ( أولاد الذوات ) يجنبون ويلات الحرب في الميدان ، ثم يمنحون أوسمة الشجاعة ، وهم في القاهرة غارقون في المواخير والكباريهات . فماذا على السادة أن يربطوا بلادهم بعجلة الرأسمالية ، حليفتهم الطبيعية ، وهم في مأمن من كل خسارة ؟ وماذا على الرأسمالية الغربية أن تزدري صيحات الشعوب للحرية ، وفي يدها زمام السادة الذين يعرفون أولياء نعمتهم الحقيقيين وحماتهم الأصليين ؟ إن طريق الخلاص هو أن تبرز إلى الوجود من أرض المعركة المنتظرة كتلة تقول : لا ! إننا لن نسمح لكم بأن تديروا المعركة على أشلائنا وحطامنا ، إننا لن ندع مواردنا تخدم مطامعكم ، ولن ندع أجسادنا تطهر حقول ألغامكم ولن نسلمكم رقابنا كالخراف والجداء . إن هذا وحده هو الذي يعيد إلى الأدمغة المحمومة شيئا من الهدوء ، وإلى الخطوات المجنونة شيئاً من الأتزان ، ثم يشعر هؤلاء أن في هذه الرقعة الفسيحة الضخمة المهمة ناساً ، يحسب لهم حساب ، لا كميات مهملة ، ولا ماشية وأذناب ! وإن الذين استعمرت الدعايات أرواحهم ليقولون : إن هذا مستحيل ما إليه من سبيل ، فنحن لا نملك القوة وستدوسنا الأقدام من هنا أو من هناك ، لا يغني عنا أن نعلن الحياد ، أو أن ننظم إلى هذا وذاك . وأنا أدرك كيف تستعمر الدعايا الأرواح والأذهان ، ولكني لا أدرك كيف يهون الناس على أنفسهم إلى هذا الحد الزري ، وكيف لا يخجلون أن يصبحوا بإرادتهم عبيداً وأشياء . إن جيشاً ما لا يأمن أن يدير المعركة في أرض معادية ، يتربص به أهلها الدوائر ، ويتلفون ذخيرته ومؤنه ، ويقطعون خطوطه ومواصلاته ، ويتجسسون عليه للعدو ويحرمونه الهدوء والراحة ، سواءر سالمهم فتركهم على ما هم فيه ، أو تولى الحملة عليهم ليواجه الثورة الداخلية ، بينما هو يواجه الأعداء في الميدان . ولقد هزم الجيش الألماني مرتين بسبب الثورات والانتفاضات الداخلية ، قبل أن يهزم في ميادين القتال ، وما من جيش يواجه عداء الشعوب وهو آمن في قديم الحروب أو حديثها ، وما يؤمن بذلك إلا المستغفلون الأذلاء . إن هذه الشعوب التي تعد مئات الملايين والتي تتحكم مواقعها الاستراتيجية في نتائج أية حرب عالمية ، وتتحكم مواردها الطبيعية في النصر والهزيمة .. إن هذه الشعوب لا تعجز عن شيء حين تريد ، وكل قول غير هذا هراء . كان هذا الكلام المختصر أكثر من نصف قرن والتحديد عام 1951م ظهرت الطبعة الأولى من كتاب ( السلام العالمي والإسلام ) للدكتور سيد قطب رحمه الله ونسأل الله أن يتقبله من الشهداء . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
رثاوالدي ولي العهدالاميرسلطان بن عبدالعزيز رحمه الله رحمه واسعه | امل الجنوب | عطر الكلمات | 0 | 10-23-2011 03:48 AM |
من روائع الشيخ علي الطنطاوي … رحمه الله | سيد الموقف | رياض الصالحين | 3 | 10-28-2010 06:51 PM |
من روائع الشاعر حامد العمري رحمه الله | سيف الساهر | الصوتيات والمرئيات والفنون الشعبية | 9 | 02-22-2010 09:33 PM |
مــن روائع الملك البطل " فيصل بن عبدالعزيز " .. رحمه الله | غـــريب الـــدار | مواضيع الحوار والنقاش | 5 | 03-20-2009 04:32 PM |
من روائع حامد (رحمه الله) | ابوباسل الجمعي | عطر الكلمات | 0 | 08-26-2008 04:04 AM |