#1
|
|||||||||
|
|||||||||
العشر الأواخر
العشر الأواخر تبدأ العشر الأواخر من رمضان من ليلة الحادي والعشرين من رمضان ، وتنتهي بخروج رمضان ، سواء كان ناقصاً أو تامَّاً ، فإن نقص الشهر فهي تسع ، وإطلاق العشر عليها تغليباً للأصل. وللعشر الأواخر من رمضان مزيةُ فضلٍ على غيرها ؛ فإنها ليالي الإحياء التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها ، وفيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر بمزيد عناية من الاجتهاد والعبادة ، والحرص على الخير ، ويجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها. ففي "الصحيحين" عن عائشة رضي الله عنها قالت :"كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشرُ الأواخر شدَّ مئزرَهُ ، وأَحيا ليلهُ ، أيقظ أهلهُ". وزاد مسلم : "وجدَّ وشدَّ المئزر". ومعنى "أحيا ليله" أي : استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها ، وهو معنى إيجابي جميل ، وكأن الليل ميت ؛ لأن النوم أخو الموت ، فإذا صحا المؤمن وذكر الله تعالى ، جمع حياة الروح وحياة الجسد ، وفي الحديث : "مثلُ الذي يذكرُ ربَّه ، والذي لا يذكرُ ربَّه ، مَثلُ الحيِّ والميِّت". وفي التنزيل : {وَمَن كَانَ مَيْتَاً فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام : 122]. وقد جاء من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت : "لا أعلمُ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كلَّه في ليلة ، ولا صلَّى ليلةً حتى الصبح ، ولا صام شهراً كاملاً غيرَ رمضان". فيُحمل قولها : "وأحيا ليله" على أنه صلى الله عليه وسلم كان يقوم أغلب الليل ، أو يقوم الليل كله ، لكن يتخلَّل ذلك العشاء والسحور وغيرها ، فالمراد : إحياء معظم الليل. ومن ذلك إيقاظ الرجل أهله للصلاة والعبادة : قالت عائشة رضي الله عنها : "وأيقظ أهله" أي : أيقظ أزواجه للقيام ، وقد كان صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في سائر السَّنة ؛ لكن كان ذلك لقيام بعض الليل ، ففي "صحيح البخاري" عن أم سَلَمةَ رضي الله عنها قالت : استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلةٍ فقال : "سبحان الله ! ماذا أُنزل الليلةَ من الفتن ، وماذا فُتح من الخزائن، أيقظوا صواحبات الحُجَر ، فَرُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٍ في الآخرة". وكان صلى الله عليه وسلم يطرق ابنته فاطمة وزوجها علي رضي الله عنهما بالليل ، ويقول : "ألاَ تقومان تصلِّيان ؟". ولكن أيقاظه صلى الله عليه وسلم لأهله في العشر الأواخر من رمضان أظهر وأكثر منه في سائر السَّنة. ومن ذلك الاجتهاد في العبادة : ففي "صحيح مسلم" تقول عائشة رضي الله عنها : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهدُ في العشر الأواخر ما لا يجتهدُ في غيره". قال الشافعي رحمه الله : "ويُسنُّ زيادة الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان". وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر شدَّ المئزرَ ، كما في "الصحيحين" ، وقد تقدَّم. وشَدُّ المئزر كناية عن الاستعداد للعبادة والاجتهاد فيها زيادة على المعتاد والتشمير لها ؛ كما يقال : شددت لهذا الأمر مئزري ، أي : شمَّرتُ له وتفرِّغت. وقيل : "شدَّ مئزره" كناية عن اعتزال النساء وترك الجماع ، وهو الأقرب ، فهذه كناية معروفة عند العرب ، قال قائلهم : قَومٌ إِذا حارَبُوا شَدُّوا مَآزِرَهُم عَنِ النِّساءِ وَلَو باتَتْ بِأطهارِ ومنها : تحرِّي ليلة القدر : فمن عظيم فضل هذه العشر الأواخر أن فيها ليلة القدر ، وهي أعظم ليالي العام ، فهي خيرٌ من ألف شهر ، فلو قُدِّر للعبد أن يجتهد ويواصل عبادة ربه قرابة أربعة وثمانين عاماً ليس فيها ليلة القدر ؛ لكان قيامه ليلة القدر وحدها خيراً من هذه السنوات الطوال ، وهذا من عظيم فضل الله ، وإنعامه على هذه الأمة ، وفتح السبيل للمنافسة والتشمير وسلوك الطرق السريعة المحصِّلة للكثير من الخير ، بالقليل من الجهد ، خاصة مع الثقة بالله وحسن الظن به. قال كثير من المفسِّرين : "العمل فيها خير من العمل في ألف شهر". وهذه الليلة في أوتار العشر الأواخر أرجى ؛ وهي السبع الأواخر أقرب. وأقرب السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين ؛ لحديث أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه ، وسيأتي بتمامه. فجدير بالمسلم أن يتحرَّى هذه الليلة ، وأن يحيي وقته ذكراً وتسبيحاً وتلاوة واستغفاراً. ويستحب الاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "التمسوها في العشر الأواخر". وإنَّما تلتمس بالعمل الصالح ، لا بأنَّ لها صورة وهيئة يمكن الوقوف عليها بخلاف سائر الليالي ، كما يظن بعض الناس ، إنما قال تعالى : {إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان : 3 – 4] ، وقال تعالى : {لَيْلَةُ القَدْرٍ خَيْرٌ مِنْ أَلفِ شَهْرٍ {3} تَنَزَّلُ المَلاَئكَةُ والرُّوحُ فِيهَا بِإذْنِ رَبِّهِم مِنْ كُلِّ أَمْرٍ {4} سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ} [القدر : 3-5]. فبهذا بانت عن سائر الليالي. ومنها : اعتكاف العشر الأواخر : وهو من أجلَّ الأعمال في العشر ، كما سبق تفصيله ، ولو اعتكف ليلة أو يوماً أو بعض يوم. ومقصوده : عكوف القلب على الله تعالى والخلوة به ، ويستحضر المعتكف النية الصالحة فيه ، مع احتساب الأجر ، واستشعار الحكمة منه ، وأن يلزم مسجده ، ولا يخرج إلا لحاجة ضرورية ، مع المحافظة على السنن والأذكار مطلقها ومقيدها ، كالرواتب والضحى والقيام ، وأذكار طرفي النهار ، وأدبار الصلوات وغير ذلك ، والإكثار من قراءة القرآن ، والإقلال من الطعام والنوم وكثرة الكلام فيما لا ينفع ، مع النصيحة للمسلمين والتواصي بالحق والصبر في رمضان ، وخاصة العشر الأواخر. ويستحب كذلك البذل والجود في غير سرفٍ ولا مخيلة ؛ لما جاء في "الصحيحين" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس بالخير ، وكان أجودُ ما يكونُ في رمضان". قال في "المجموع" : والجود والإفضال مستحب في شهر رمضان. وفي العشر الأواخر أفضل ؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالسلف ؛ ولأنه شهر شريف ، فالحسنة فيه أفضل من غيره ؛ ولأن الناس ًيشتغلون فيه بصيامهم وزيادة طاعتهم عن المكاسب ، فيحتاجون فيه إلى المواساة". |
08-12-2012, 11:46 PM | #3 |
مستشار إلمدير العام
|
جزاك الله خير يابو حسن وجعلنا واياكم من الصائمين القائمين المقبولين عند رب العالمين .
|
|
08-14-2012, 03:53 AM | #7 |
مستشار إلمدير العام
|
عذبة الروح
طيف حياكم الله وبارك فيكم وكتب لكم الاجر والمثوبة وشكر لكم حضوركم وتشريفكم ولكم تحيتي |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
العشر الأواخر من رمضان | ابوعبدالكريم | رياض الصالحين | 2 | 09-03-2010 04:18 AM |
العصر الجديد | أبو مانع | كمبيوتر | 8 | 10-08-2009 04:31 PM |
همسات العشر | دمعة حائره | المنتديات الرمضانية المؤقتة | 7 | 09-15-2009 08:47 PM |
ان مع العسر يسر | بارود | الأسهم السعودية | 4 | 04-26-2007 03:03 PM |
الملل … آفة العصر | حبيب ال طلحة | رياض الصالحين | 1 | 03-10-2006 06:13 PM |