لا ... لزواج الأقارب
لا لزواج الأقارب
على الرغم من أن العادات العربية كانت تشجع الزواج من الأقارب، وخاصة بين ابن العمّ وابنة العم، حتى إن القبائل العربية أوجدت حقاً قبلياً، عُرف بحق الابن بابنة عمه، وإن بعض بنات العم، سُمِّيْت لبعض أبناء عمومتهن منذ صغرهم، إلاّ أنه، وإلى جانب هذا الأمر، كانت هناك معرفة حقيقية بأن الزواج بالأغراب والغريبات، يقوّي النسل، وينتج عنه أبناء يحملون صفات، ربما غريبة حتى على القبيلة كلها، وكانت غزوات القبائل من أكبر مصادر الزواج بالغريبات، مما أثّر على نحو واضح باتجاه التجديد في نسل الكثير من تلك القبائل، وظهر تنوّع جنسي بشري في أجيالهم، وكانوا يعرفون هذا من دون تحديد واضح كما يعرف الآن بـ (تحسين النسل) أو (تجديد الدم(.
لكن حين جاء الإسلام، وأحدث التبدلات الجذرية في معتقدات العرب وعاداتهم، بما يتمشَّى مع ما يريده الله سبحانه وتعالى للإنسان من حسن وصحة وتنوع في السلوك والبدن والأجيال، فإن الإسلام فتح الباب أمام المسلمين للزواج من المسلمات على تنوع دمائهن، فالمسلم مساوٍ للمسلم من أي جنس أو عرق كان، فلا فضل لمسلم على مسلم بسبب لونه أو عرقه أو انتمائه.
وشجّع هذا فتوحات الإسلام الواسعة، ودخول أجناس متنوعة في الإسلام، واختلاط تلك الأجناس بما كان يوجبه الإسلام في تعاليمه، فكان لذلك الاختلاط نتائج جلية وواضحة عززت نظرة الرفض والامتعاض لزواج الأقارب، حتى إن الدراسات والآراء لعلماء الدين، ولعلماء الأنساب والطبّ وعلماء الاجتماع الأوائل، أكّدت كلّها الرأيَ القائل في ضرورة تجنُّب الزواج بالأقارب، إذ إن مثل هذا الزواج مُوَرِّثٌ لضعف النسل، ومَجْلَبَةٌ للأمراض وبابٌ لظهور ما لا يُسْتَحَبُّ في الأبناء في الخلُق والخلْق.
ومن هذا المنطلق الإسلامي، حلّ تفضيل الزواج بين الأباعد، وظهر الحثّ على تجنب الزواج بين الأقارب، خصوصاً بين أبناء العم، وقد شخص علماء المسلمين عيوب الزواج بين الأقارب تشخيصاً دقيقاً. صار أساساً للدراسات الاجتماعية والأنثروبولوجية في أوروبا الناهضة، وأوردوا فيما أوردوا زيادة على ما سلف ذكره، أن مثل هذا الزواج يؤدي إلى ظهور الصفات غير المرغوب فيها عند الناس، بل وإلى تأصُّل وتكاثر تلك الصفات، مثل ظهور التشوهات في الأبناء، ومعاناة الأطفال من معوِّقات عدة، وإلى انتشار بعض الأمراض الوراثية، ولاحظوا الزيادة في معدلات وَفَيَات الأطفال، وتفشِّي ضعف البنية الجسدية، والضعف في القدرة على التحمل، وأمراض البصر الوراثية، وظواهر أخرى مثل قصر القامة ونقص الوزن وتأخر المشي، وضعف قبضة اليد، وضعف الذاكرة، وتدني نسبة الذكاء، بل وإلى ظهور الضعف العقلي والتأخر العقلي.
وقد أثبتت الدراسات الحديثة كل ما ذهب إليه علماء المسلمين، وأيدوه تأييداً قاطعاً، فحذار.. حذار.. من الزواج بين الأقارب.
لا لزواج الأقـــارب ff)
|