المعاقون عقليا يقتحمون عالم الحاسب ومواقع " النت "

لم يعد استعمال الحاسب الآلي في حياتنا اليومية ترفاً أو لغرض الترفيه
بل إنه أصبح يعد ضرورة حياتية تقتضيها الثورة الهائلة التي يشهدها العالم من حولنا في مجال المعلومات والاتصال والعلوم المختلفة التي دخل بينها الحاسوب في كل تفاصيلها، كما أن استعمال الحاسوب لم يعد مقصوراً على بلد دون آخر فحتى الدول التي تدعى بالنامية صار عليها لزاماً أن تجاري العصر وتدخل الى عالم الحاسوب بل وتبحر فيه لكي يتسنى لها أن تواكب ولو بالنزر اليسير التقدم والتحضر الذي سبقته بها الدول المتقدمة ، كما أنه " أي الحاسوب" لم يعد مقتصر على فئة دون أخرى .
فهاهي الفئة التي كان مجتمعنا يعتقد الى وقت قريب أنها فئة غير ذات جدوى واعني بهم الفئة التي تعاني من نقص في الذكاء أو الذين يطلق عليهم طلاب التربية الفكرية !!
إلا أن وزارة التربية والتعليم في مملكتنا الغالية "وفي خطوة نوعية" كان لها رأي آخر فقد أعدت استراتيجية بعيدة المدى تهدف الى تعليم هذه الفئة العزيزة علينا جميعاً والأمر لم يقف عند هذا فحسب بل إن الوزارة قامت بخطوة رائدة تهدف الى دمج هذه الفئة مع شرائح المجتمع فقامت بدمج مدارس التربية الفكرية مع التعليم العام بعد أن كانت مخصصة في مدارس خاصة وأنشأت لذلك (قسماً للتربية الخاصة) يعنى بكافة الجوانب التربوية المتعلقة بهذه الفئة ، فانصهرت تلك الفئة مع أقرانها من الطلاب في المرحلة الابتدائية لسنوات عدة ، وشهد العام المنصرم 1424/1423هـ إدخال المرحلة المتوسطة ،إلا أن الخطوة الرائعة التي تسجل للوزارة هي إدخال "لغة العصر" الحاسب الآلي كمادة دراسية لطلبة التربية الفكرية في المرحلة المتوسطة متوازية جنباً الى جنب مع طلاب التعليم العام!!
ولتسليط مزيد من الأضواء على هذه التجربة الحديثة قامت (الرياض) بزيارة لإحدى المدارس المتوسطة للتربية الفكرية في محافظة الاحساء التقت فيها بالطلاب ومعلميهم واستطلعت فيها آراءهم في خطوة تطبيق مادة الحاسب.
ما هي التربية الخاصة
لكي ندرك أهمية الخطوة التي أقدمت عليها الوزارة في إدخال مادة الحاسوب لابد من التعرف على ماذا يعنى بالتربية الفكرية ؟! التربية الفكرية في حقيقتها هي مستوى من الأداء الوظيفي العقلي ينحرف بمقدار إنحرافين معياريين عن متوسط الذكاء ويظهر في مرحلة العمر النمائي الذي يبدأ 1- 18سنة ويصاحبه خلل في السلوك التكيفي ، وهنا لابد من الإشارة الى أن الانحرافين المعياريين يعني أن مقدار الانحراف الواحد 15والاثنين يصبح 30فتصبح بذلك نسبة الذكاء لطالب التربية الفكرية هو 70فما دون في حين أن مستوى الذكاء الطبيعي هو 100ولا بد من الإشارة الى أن التربية الفكرية هو فرع من التربية الخاصة الذي يعرف بأنه مجموعة من البرامج التربوية الهادفة تعمل على رفع مستوى الطلاب الأكاديمي وتقدم للأفراد غير العاديين بغية دمجهم مع المجتمع واستغلال قدراتهم الى أقصى حد ممكن.
استجابة كبيرة
وحول ما وجده طلاب التربية الفكرية من استيعاب وقبول خلال تجربة تعليم الحاسب توجهنا بهذا السؤال لمعلميهم تحدث في البداية الاستاذ عماد المغربي قائلاً: إن الذاكرة البصرية لدى طلاب الفكرية عالية جداً وهي أعلى من طلاب المرحلة العامة فاستعمال الحس لديهم عال لذا تجدهم يتقنون معظم المهارات اليدوية (كالرسم مثلاً) وتلك المهارة هي التي مكنتهم من التعامل مع الحاسوب بشكل ممتاز فطالب الفكرية أصبح يتقن كيف يفتح الجهاز والدخول للمواقع والتعامل مع الكي بورد لوحده دون مساعدة أحد وهو بذلك يتعامل مع الجهاز بصفة رمزية وليس بمعرفة الأوامر ! ويبين الاستاذ علي السلطان أن هناك استجابة من الطلاب لكنها تحتاج الى متابعة وتدريب مكثف وبصورة مستمرة .
من جانبه يبين الاستاذ حسام محمد محمود أن البعد عن التعريفات المجردة في تعليم الحاسب والتعامل مع الجهاز مباشرة هي الطريقة الأكثر مواءمة وذلك كأن يمهد له عن طريق الألعاب سيما وأن طالب الفكرية لديه شغف كبير بالحاسب لأنه يعتبره شيئاً جديداً وجذاباً بالنسبة له ويتعامل معه كمادة ترفيهية وبالتالي يحقق نتائج عالية جداً ، وسبق وأن قمنا بتجربة استخدام الصوت والصورة لطلاب صغار في السن فحققت نتائج يفوق الشرح التجريدي.
كتابة النصوص
وحول أبرز المهارات التي تعلمها أولئك الطلبة أجاب الاستاذ عماد المغربي بأنهم استطاعوا كتابة النصوص في برنامج وورد رغم أنه يحتاج الى أكثر من خطوة بل أنهم تمكنوا من معرفة كيف يترك مساحة بين كلمة وأخرى وكيف يمسح ، من جانبه يقول الاستاذ جلال درويش أن طلبة الفكرية يطلبون دائماً منا تزويدهم بمواقع على الشبكة العنكبوتية ومن ثم تصفحها ويضيف الاستاذ جلال بأنهم فهم شغوفون للدخول في " النت".
ابداعات تفوق التعليم العام
وفي السياق نفسه قال أستاذ الحاسب الآلي في فصول التربية الفكرية بمتوسطة القارة علي السلطان أنه وجد عند طلاب الفكرية إبداعات ومواهب وتطبيقاً للحاسب يفوق طلاب التعليم العام 0وفي هذا السياق التقينا بمجموعة من الطلاب في البداية التقينا بالطالب جلال الصايل ( 19سنة) والذي يدرس في الصف الاول متوسط (والذي وصفوه بأنه متميز في الحاسب) وسألناه عن كيفية تعلمه لمادة الحاسوب فقال : تعلمتها في المنزل لوحدي دون أن مساعدة من أحد وفي غضون سنة بدأت أدخل المواقع بسهولة رغم أنه لا يمتلك جهازاً وتمنى أن يمتلك جهازاً خاصاً به ، كما تحدثنا مع كل من الطالب يحيى البصيلان ومصطفى العيسى وحسن الاحمد و علي العلي وحسن العوفي الذين بينوا بأنهم يميلون للحاسب الآلي أكثر من بقية المواد مشيرين الى أن الحاسب فيه ألعاب كثيرة ، وأضافوا بانهم يعرفون جيداً كيفية كتابة أسمائهم.
تجربة ونجاح كبير
وعن تقييمهم لتجربة تعليم الحاسب لطلاب التربية الفكرية.. أجاب الاستاذ عماد المغربي بأن الكثير كان يعتقد بأن محصلتها الفشل مرجعين ذلك الى أن الحاسب الآلي كمادة دراسية لم يطبق بعد في التعليم العام فكيف يمكن تطبيقه على هذه الفئة ، إلا أنه وفي غضون شهور وجدنا أن النتائج أكثر من مرضية ولله الحمد، ولفت الاستاذ عماد النظر الى أن تعليم طلاب الفكرية اللغة العربية كالقراءة والكتابة يختلف من طالب لآخر أما بالنسبة للحاسب الآلي فإن السواد الأعظم منهم يعرف كيف يستخدمه ولا يوجد منهم من هو عاجز تماماً عن استعماله ! ويرى الاستاذ علي السلطان بأن التجربة ناجحة ويشجع على استمرارها ويرى أنه حق من حقوقهم أن يستفيدوا من الحاسب الآلي كبقية الطلاب الآخرين .ويتمنى كلٍ من الاساتذة علي السلطان وحسام محمود وعماد مغربي وجلال درويش بأن تقوم وزارة التربية والتعليم بوضع منهج مبسط خاص بمادة الحاسوب لطلاب التربية الفكرية يكون متناسباً مع قدراتهم يركز على الاشياء الأساسية التي تفيدهم وأن يتضمن بعض الألعاب الترفيهية وكيفية ممارستها وأن تكون بأسلوب جذاب، لكن أن يبقى تعليمهم بلا منهج هكذا بصورة اجتهادية من المعلم فهذا لن يحقق النتائج المرجوة ، كما قدم الاساتذة اقتراحاً للوزارة في أن يتم تخفيض عدد الحصص ومدتها على طلاب الفكرية ويجب ألا يتم مساواتهم بطلاب التعليم العام وأن يتم تكثيف مواد الترفيه.

موضوع أستفدت من معلوماته وطرحه ..
بارك الله فيك ولك تقديري ..