#1
|
|||||||||
|
|||||||||
أماني متبخرة
بقلمي ✍
قصة قصيرة بعنوان أماني متبخرة عندما يجن الليل ... ويحين موعد النوم ... تسرع لتلقي بهمومها على الوسادة ... تتجاهل السطل، والمكنسة، والقفازات في الركن قبالتها، وتتجاهل خشونة يديها بفعل المكنسة وحمل السطل، وتشيح بناظريها بعيداً إلى الحائط حيث شهادة تخرجها معلقة قبالتها، وقد تغير لونها بمفعول السنين. تلبس أمنياتها البسيطة فتبتسم ... تتراءى لها حياة وردية ... ترافقها حتى تنام ... ثم تتحول إلى أحلامٍ جميلة، حيث لا مكنسة، ولا سطل، ولا قفازات، ولا غبار على شهادة التخرج. جميلةٌ هي في ريعان الشباب، مفعمة بالنشاط، إن لم يحسدنها رفيقاتها فإنهن يغبطنها. تتوقف عن عملها ذات يوم ... نعم؛ عملها الذي تعبت حتى تحصلت عليه. عملها كمدرسة ذات مرتب محترم. استقالت من عملها المريح؛ لأن قطار الحياة اختار لها محطة أروع من سابقاتها. محطة دافئة بها زوج وعائلة وكأنها الجنة على الأرض. في بيتٍ متواضعٍ جميل، أركانُه هناء، وجدرانُه بساطة، تنتظر كل يوم زوجها على الغداء الذي تفننت فيه سويعات. يدخل عليها مبتسماً. يطبع قبلة على جبينها. يتحلقان حول الطعام وهو يثني عليها. يسألها عن طفلهما فتخبره أنه نام وهو ينتظر عودته من العمل. فيدخل متسللاً إلى غرفة طفله يراقبه من بعيد وكأنه يتمنى استيقاظه كي يشبع من نظراته قبل الرجوع للعمل. يودعها ويمضي وهي توصيه أن لا ينسى الخبز .. تعود لمائدة الطعام فترتب المكان. وعندما يعود بعد صلاة العشاء يحضر الخبز ويحضر الحلوى للطفل الذي يعترضه في الباب مرحباً بكلمات لا تفهم. يتناولون العشاء ... يتسامرون ويضحكون، فتضحك جوانب البيت لضحكهم ويفتر ثغر الليل عن ابتسامة ملؤها السعادة بسعادتهم . يدخل للنوم وتتجه إلى ركن غرفتها لتصلي وتشكر ربها على نعم فاقت أمنياتها ... ثم تنام قرب زوجها. تستيقظ في الصباح تنظر إلى وسادتها فلا تجد غير خصلات شعرها عليها غبار الدهر. تسترق السمع علها تسمع صوت ابنها في الغرفة الأخرى لكن لا غرفة أخرى. ولا ابن ولا زوج ولا مائدة طعام. ولا غرفة نوم. فقط فراش بركنٍ من بيتٍ صغير. سطل وقفازات ومكنسة بالركن الآخر. وشهادة تخرج خرساء ثكلاء لا تسمن ولا تغني من جوع. تنهض فتتوضأ وتصلي في ركنها شاكرة ربها على نعمه. تلملم همومها من حولها وتحملها وتمضي لتتخبط في مشاكل الحياة من جديد. حاملة سطلها ومكنستها وقفازاتها بيد. وباليد الأخرى قطعة خبز تقضمها وهي تغلق الباب على أمنياتها البسيطة التي تبقى بانتظارها على وسادتها حتى تعود لها في الليل. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أماني ودفئي وكل الحنان حياتي وعمري بكل اختصار. | الأسير | عطر الكلمات | 2 | 06-30-2003 09:07 PM |