شرف العلم وفضيلته في القرآن الكريم
ودلالته الدينية
قال تعالى:
(وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْماءَ كُلَّهَا).
فقد أشارت الآية هنا إلى فضيلة العلم، فالله سبحانه وتعالى ما أظهر كمال حكمته في خلقه آدم عليه السلام، إلاّ بإظهار علمه، فلو كان في الإمكان وجود شيء أشرف من العلم لظهر فضله بذلك الشّيء لا بالعلم.
وما يدلّ على فضل العلم: القرآن والسنّة والنّقول:
أمّا القرآن: فقد جاء فضل العلم فيه من وجوه أربعة:
الأوّل: تسمية العلم بالحكمة، وقد جاء تعظيم أمر الحكمة الدّال على عظمة شأن العلم على
أربعــة أوجه:
1- المواعظ، قال تعالى: (
وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) النساء 113 أي مواعظ القرآن.
2 ـ معنى الفهم والعلم قال تعالى: (
وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً ) مريم 12، وقال تعالى: (
وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ للَّهِ ) لقمان: 12 يعنى الفهم والعلم.
3 ـ بمعنى النّبوة قال تعالى: (
فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) النساء 54.
4 ـ بمعنى القرآن. قال تعالى: (
وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) البقرة 269
أي القرآن الكريم. فالوجوه الأربعة السّابقة كلّها ترجع إلى العلم، ثمّ لنتفكّر في هذا العلم الهائل الذي توصّل إليه الإنسان ما هو إلاّ قليلٌ جدّاً، قال تعالى: (
وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) الاسراء 85. وسمّى الله تعالـى الدّنيا بأسرها قليلاً، فقـال: (
قل متاع الدنيا قليل ) النساء 77، فما سمّاه الله تعالى قليلاً لا يمكننا أن ندرك كميّته، فما ظنّك بما سمّاه كثيراً! وما ظنّك بعلمِ عالمٍ لا أوّل لعلمه ولا آخر! ولو كانت بحار الدّنيا تمدّها بحارٌ وبحارٌ مداداً، وجيء بملء الأرض عيدان وأقلام، وجيء بالكتبة يكتبون كلماتِ الله تعالى لا كلامه اللاّنهائيّ، كلماته المحدودة، لنفد مداد البحار وإن كانت سبعة أبحر تمدّها سبعة أبحر متّصلة بها سبعة وسبعة... الخ. لم تنته كلماته تعالى، فما الظنّ بكلامه؟! سبحانه وتعالى عمّا يشركون.
الثّاني: قوله تعالى: (
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ) الزمر 9.
الثّالث: أنّ الله تعالى رفع درجة العلماء، وقد جاء ذكر الدّرجات في القرآن لأربعة أصناف:
1- للمؤمنين يوم بدر (
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ) الانفال 2 إلى قوله تعالى (
لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) الانفال 4.
2 - للمجاهدين قال تعالى (
فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ) النساء 95.
3 – للصّالحين قال تعالى (
قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى ) طـــه 75.
4 – للعلماء قال تعالى (
يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَـاتٍ ) المجادلة 11.
الرّابع: ما يكشف عن فضيلة العلم أنّه الطّريق إلى ما يأتي:
1 – تحقيق الإيمان قال تعالى (
وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ) ال عمران 7.
2 – تحقيق التّوحيد، قال تعالى
( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ.. وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ ) ال عمران 18.
3 – تسبّب البكاء، قال تعالى (
وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ) الاسراء 109.
4 – طريق الخشوع، قال تعالى
( إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً ) الإسراء 107.
5 – الخشية، قال تعالى (
إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) فاطر 28. فالخشية من لوازم العلم بالله تعالى. وقد أشارت الآية إلى مسألة خطرة ينبغي التنبّه لها، حيث حصر الله تعالى وقصر الخشية في العلماء، وقوله تعالى: (
جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) البينة 8، ففيه دلالة على أنّ الجنّة لمن خشي ربّه، وهذا مشعرٌ بأنّ الجنّة لأهل الخشية، وأهل الخشية محصورون في قوله تعالى: (
إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )[1].
فالخشية تدور مع العلم وجوداً وعدماً، فأيّنما وُجِدت الخشيةُ وُجِد العلم، والعكس صحيح. فثبت أنّ الجنّة للعلماء لا غير فتنبّه إلى هذه الوظيفة يرحمك الله، وكن عالماً أو متعلّماً ولا تكن الثّالثة فتهلك.
إنّ القرآن قد أشار إلى هذه الحقيقة، فالجنّة للعلماء الذين يخشَون الله تعالى، والمراد من العلم هنا هو العلم الموصل إلى معرفة الله تعالى، فإذا تعلّم العبد علماً وأوصَلَهُ إلى معرفة الله، فإنّه يرزَق الخشية الّتي هي طريق الجنّة، وإذا رُزق الخشية رُزق التّقوى، وتكون الأخيرة طريقاً إلى زيادة العلم وسهولة تحصيله وتثبيته، قال تعالى: (
وَاْتَقوُا اْللهَ وَيُعَلّمُكُم الله ).
وأوّل علم موصل إلى الله تعالى، ويدخل به العبد الجنّة كلمة التّوحيد (
لا إله إلا الله ) ومِن شروط قبولها العلم بها، قال تعالى (
فاعلم أنّه لا إله إلاّ الله ).
إنّ الله تعالى رفع منزلة العلم وشأن العلماء حتى إنّ المداد والحبر الذي يقطر من قلم العالم لِيسَطّر به ما علّمه الله تعالى منه وفَقّهه يساوي في ميزان الله قطرات الدّم التي تسيل من الشّهيد الذي يقاتل في سبيل الله، لقد قضت إرادة الله تعالى أن يَقرِن مداد العلماء بدم الشّهداء؛ لتكون بهما كلمة الله هي العليا. إنّما هما جهادان: جهاد السّنان الذي يُزَيَّن بدماء الشّهداء، وجهاد اللسان الذي يُزَوّد بمداد العلماء. فجيش دم الشّهداء يحطّم بنيان الشّهوات، وجند مداد العلماء يهزم طاغوت الشّبهات.
والخَلْقُ مع العلم والعلماء أصنافٌ أربعة، وأنت أيّها القارئ أحد هذه الأصناف، فاعرف وطنك.
قال العلماء: النّاس أربعة أصناف:
1 – رجل يدري ويدري أنّه يدري فهو عالم فاتّبعوه.
2 – رجل يدري ولا يدري أنّه يدري فهو نائم فأيقظوه.
3 – رجل لا يدري ويدري أنّه لا يدري فهو مسترشد فأرشدوه.
4 – رجل لا يدري ولا يدري أنّه لا يدري فهو شيطان فاجتنبوه[2].
الأنبياء والعلم.
إنّ النّاظر في سيرة الأنبياء مع أقوامهم يرى أنّها ترتكز على العقل والنّظر والبحث وإقامة الحجج بالعلم وسأتناول بإيجاز ما ينسجم مع طبيعة البحث سيرة بعض الأنبياء مع أقوامهم:
1ــ ابراهيم عليه السلام
فقد اشتغل أوّل أمره بالعلم عن طريق البحث والنّظر والاستدلال ليتوصّل بذلك إلى اقناع قومه بوجود الخالق تعالى ووحدانيته، وأنّ ما يعتقدونه من تأثير الكواكب بأنواعها لا أصل له، فبدأ بالأصغر من معبوداتهم (
فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً ) الأنعام 76، ثمّ انتقل إلى القمر ثمّإلى ما هو أكبر، الشّمس حتى توصّل بهم إلى قوله (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) الانعام 79. وتارة أخرى (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) الانعام 83.
ولمّا فرغ إبراهيم عليه السلام من الاشتغال لمعرفة المبدأ شرع بالاشتغال لمعرفة المعاد، فقال تعالى (
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى ) البقره 260.
وينهي إبراهيم عليه السلام دورة التّعلم لينال إجازة التّعليم والمناظرة والمحاججة، فبدأ بأبيه، فقال: (يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا) مريم 42.
ثمّ يتوجّه إلى قومه فيقول: (
مَا هَـذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ) الانبياء 52، ثمّ مع الطّاغية النّمرود. يقول الله تعالى (
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ ) البقرة 258.
2ـ سليمان عليه السلام:
ثاني اثنين صالحيْن ملكوا الدّنيا: ذو القرنين وسليمان عليه السلام عليه السلام، ومُلك سليمان عليه السلام ما كان إلاّ بعد أن (
قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) ص 35 ولماّ استجاب له ربّه تعالى دعاءه آتاه الملك والعلم ( النّبوة ) ولم يفتخر بالملك كغيره من الملوك بل افتخر بالعلم وقدّمه على الملك ؛ حيث قال (
يأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) النحل 16، وحريّ بالمؤمن أن يفتخر بمعرفة ربّه تعالى ويقدّمها على كلّ شيء تأسياً بالأنبياء الذين هدى الله
( فبهداهم اقتده ).
وقد جاءت إرادة سليمان عليه السلام في تقديمه العلم على الملك والمتاع موافقة لإرادة الله تعالى حيث قال: (
وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ...
وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً ) الأنبياء 78. 79. ثمّ ذكر تعالى تسخيره لهما الجبال والطّير والرّيح ومختلف الصّناعات.
وهذا الهدهد طير من الطّيور بلغ النّهاية في الضّعف ينال بالعلم منزلة تمكنّه من أن يتكلّم بين يديّ سليمان عليه السلام، قال تعالى: (أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) النمل 22.
3 ـ محمّد عليه الصّلاة والسّلام:
فقد منّ الله تعالى عليه ابتداء بالعلم ثمّ الغنى، قال تعالى: (
وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى )، فقدّم تعالى الامتنان بالعلم على الامتنان بالمال. ثمّ قال تعالى كذلك في حقّه (
مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ ) الشورى 52. وقال أيضاً: (
مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا ) هود 49، ثمّ إنّه أوّل ما أوحى الله إليه (
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) العلق1 [3].
مسمّيات العلم
دعا الإسلام إلى العلم ورفع من منزلة العلماء واشتقّ الخالق تعالى اسماً له منه فسمّى نفسه العليم، وسمّى بعض أنبيائه به، كما أخبر عن إسحق عليه السلام (
وَبَشّرْنَاهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ) وكان لدلالة الاسم أثر عظيم على بني اسرائيل ؛ حيث تميّزوا به عن غيرهم من الأمم. فمنهم من رفعه الله تعالى به، وهم الذين قالوا وفعلوا وعلموا وعملوا فكان العلم طريقاً لهم إلى معرفة الله تعالى. ومنهم من علم ولم يعمل، وقال ولم يفعل فسلّط عليهم أنواع العقوبات، فمنهم من مُسِخ ومنهم من خُسِفَ به، ومنهم من ضُرِب به مثل السَوّء. وقد حذرنا الله تعالى من أن نحذوا حذوهم ونركب سننهم، فقال تعالى: (
وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ) الأنفال 21. وقال تعالى: (
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ ) الأنفال 22.
وقال: (
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُواْ التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) الجمعة 5.
وقد سمّى الله تعالى العلم في كتابه بأسماء شريفه منها: (2)
الحياة: فالعلم كالماء جعل منه كلّ شيء حيّ، حياة القلوب والأبدان في الدّنيا والآخرة يميّز به الإنسان بين ما هو ضارّ ونافع، وهو طريق النّجاة وشرط الدّعوة، قال تعالى: (
قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) يوسف 108.
وما يدلّ على أنّ العلم هو الحياة قوله تعالى: (
أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ ) الانعام 122.
الرّوح: فقد جاء هذا المعنى في قوله تعالى: (
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَـكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ) الشورى 52.
النّور: قال تعالى: (
اللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَـاوَاتِ وَالأَرْضِ ) النور 35. ووصف الله تعالى طالوت بقولـه: (
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ) البقرة 247. فقدّم العلم على الجسم، وفي هذا إشارة إلى ما يكون عليه الخليفة والحاكم: العلم والجسم وهو القوّة، واليوم لا علم ولا جسم، فوصل حال الأمّة إلى ما وصلت إليه. ويوسف عليه السلام قـال: (
اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) يوسف 55، ولم يقل: إنّي حسيب نسيب فصيح مليح ؛ لذا جـاء: المرء بأصغريه قلبه ولسانه. فإن تكلّم فبلسانه، وإن قاتل فبقلبه وجنانه، وهذا ما اتّصف به السّلف الصّالح رضي الله عنهم: فصاحة اللسان وقوّة البيان والبنان. قوّة أحدهم بقوّة ألف رجل، كعليّ والقعقاع وسعد.. إلخ[4].
[1] انظر التفسير الكبير 1 / 2 / 163 ـ 172
[2] المجالس الخمسة / أبو طاهر السلفي 69.
[3] انظر التفسير الكبير / 1 / 2 / 173 ـ 183.
[4] التفسير الكبير 1 / 2 / 173 ـ 184
الألوكة