الأمانة
خُلق الأمانة يشار إلى الأمانة على أنّها قيمة عليا من القيم الإنسانيّة، وخلقٌ رفيع من الأخلاق الكريمة التي يتحلّى بها نفرٌ من النّاس في حياتنا، وغالبًا ما يشار إلى الإنسان الأمين بالبنان، وخاصّة في وقت الفتن، وكثرة الخيانة وفقدان الثّقة بين النّاس، وقد أكّد النّبي عليه الصّلاة والسّلام على خلق الأمانة مبيّنًا أنّ غيابها هو من العلامات التي تؤذن بقرب السّاعة، حيث يتحدّث النّاس في آخر الأيّام بقولهم إنّ في بني فلان رجلًا أمينًا، وكأنّه يصبح مقصداً لهم ومنشداً يشدّون الرّحال إليه؛ طلبًا لأمانته في وقتٍ ستندر فيه الأمانة وتكثر الخيانة، ولا شكّ في أنّ الأمانة تشتمل على كثيرٍ من السّلوكيّات والفضائل في حياة الإنسان.
مظاهر الأمانة
الأمانة هي حفظ ممتلكات النّاس إلى حين استردادها، وهذا المعنى المشتهر للأمانة عند النّاس، وهو أن يأتمن أحد النّاس رجلاً معيّناً أو امرأة معيّنة على ممتلكات شخصيّة، حيث يحافظ المؤتمَن عليها حتّى يستردّها المُؤَمّن. الأمانة في تبليغ الرّسالة، ومثال على هذا النّوع من الأمانة ما يقوم به الأنبياء والمرسلون من مهمة تبليغ رسالة الله ودعوة التّوحيد إلى النّاس، فالرّسول مستأمن على تبليغ تلك الرّسالة على أكمل وجه ومن دون تقصير في ذلك؛ من كتم علمٍ أو شريعة، وحاشا للرّسل من أن يقصّروا في ذلك، فقد كانوا مثالًا في الأمانة والتّبليغ.
الأمانة في وضع الرّجل المناسب في المكان المناسب، وفق معايير المفاضلة على أسس صحيحة، مثل: الاتقان في العمل، والقوّة فيه، إلى جانب التّقوى والصّلاح، ومثال على ذلك أن يكون الحاكم والمسؤول أمينًا في تعيينه للنّاس في المناصب، بناءً على أحقيّة كلّ إنسانٍ بذلك، و بعيدًا عن الهوى والإجحاف بحقّ أيّ واحدٍ منهم، وفي سورة القصص قصّة بنتَي شعيب عليه السّلام وما حصل لهما مع سيّدنا موسى عليه السّلام حينما سقى لهما، إذ رجعوا إلى أبيهم لينصحوه باستئجار سيّدنا موسى بقولهم (إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين ) وإن غياب أسّس العدالة في الاختيار تؤدّي بلا شكّ إلى الظّلم، والظّلم يؤدّي إلى غضب الله، وإنّ من علامات السّاعة تضييع الأمانة، وهي أن يوسّد الأمر إلى غير أهله.
الأمانة في الحكم بين النّاس، فالقاضي بلا شكّ يجب أن يكون أمينًا في حكمه بين النّاس وأن يحكم باعدل، باعتماد شريعة الله سبحانه ودستوره الذي يحقّق العدالة بين النّاس، والقاضي العادل المصيب في حكمه هو قاضٍ أمين بلا شكّ.
|