وهم الجامعات أم وهن التعليم ؟!

وهم الجامعات أم وهن التعليم ؟!
العالم الآخر من حولنا يرتقي ويتطور ويزدهر فكريا وثقافيا وعلميا ولازال العرب منهمكين في إطلاق الأحكام وتصدير الاتهامات والتفنن في الانتقاص من شأن النظم العالمية في أي حقل أو مجال ، وقبل أيام نقرأ ونسمع جعجعة بلاطحن في مايسمى بالجامعات الوهمية الآتية من الخارج ! وفي ذلك التموج الغريب المريب من التحذيرات من هجمة تزوير الشهادات على واقع التعليم العربي ثمة ما يدعو للتساؤل عن أسرار تلك الحمى التحذيرية التي اجتاحت الصحف على شكل تصريحات ومقالات حتى إن الإنترنت لم يسلم من وجود حملة إعلامية تهدف إلى زرع الرعب في نفوس كل من تسول له نفسه الدراسة في جامعة ( وهمية ) على حد مزاعم أصحاب الأحكام الغامضة والتعميمية المجحفة ؟

وبدلا من الاتجاه إلى إصلاح الأنظمة التعلمية في الجامعات العربية توجهت تلك الحملات الإعلامية إلى وصف نظام التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني بأنه تعليم مزور ولاثمرة ترجى من ورائه ، الأمر الذي أحدث بلبلة لدى طلاب العلم العرب الذين لم يعد لديهم أي قدرة على التمييز بين الغث والسمين وبين الجامعات المعترف بها وغير المعترف بها وتلك أيضا قصة أخرى تحتاج فصولا من الشرح والاستفاضة في النقد والتحليل إذ لايعقل أن يأتي الاعتراف من التابع بل من المتبوع ؛ ولاشك أن النظام التعليمي الأمريكي المتطور أحدث نقلة رائعة في ميدان العلم مقدرا أصحاب الملكات والمواهب والخبرات معتمدا على نظام جديد اسمه معادلة الخبرات المطبق في الغرب منذ أكثر من 170عاما ، كما إن نظام التعليم عن بعد معتمد من هيئات تعليمية وأكاديمية عالمية ولم ينتظر من النظام التعليمي العربي أن يعترف به أو يصادق على صحته !! والذين يدرسون في تلك الجامعات بالطرق البحثية بإشراف أساتذة وخبراء وأكاديميين كبار حصلوا على شهادات مصدقة رسميا من وزارة الخارجية الأمريكية والهيئة الوطنية الأمريكية للتعليم المحلي ومن الجمعية العالمية للتعليم عن بعد ، وهي برامج تعليمية قوية تساعد الأشخاص على التثقيف الذاتي وتطوير مهارة التعلم في القرن الواحد والعشرين الذي بات يلفظ الطرق البالية في التعليم المعتمدة على التلقين والحفظ دون فهم !!

وقد شدني مقال كتبه الدكتور عبدالله آل سفر في صحيفة الرياض السعودية ردا على الذين يسخرون من حملة الشهادات من الجامعات الأمريكية ذات التصنيف الرائد عالميا ، يقول الدكتور عبدالله : إنه يطالب الجهات المعنية بإثبات أن تلك الشهادات مزورة ، ويؤكد في مقالته أن التزوير يختلف تماما عن التعليم بنظام معادلة الخبرات وتقديم البحوث بإشراف مشرف على رسالة علمية واضحة الأهداف والمعالم ، ثم يعرج الدكتور عبدالله على أن إطلاق كلمة ( وهمية ) أمر مرفوض في ظل وجود تلك الجامعات صروحا قائمة على وجه الأرض! وبحق فإن جملة التصديقات على الشهادات الجامعية الأمريكية يدحض القول بتزويرها أو شرائها طالما أن الطالب سجل ودرس وبحث ؟ وبصراحة ليتنا ندقق في ترتيب الجامعات السعودية في التصنيف العالمي الذي وضعها في المرتبة 2998 من أصل 3000 جامعة عالمية ؟ إنه تصنيف يدعو لإعادة النظر في تحديث الأنظمة التعليمية بدلا من وصف الجامعات العالمية بالوهمية ! وبالتأكيد إنه وصف غير عادل ، فالجامعات السعودية تفرح إن جاءت إشادة بمستواها من تلك الجامعات فكيف بربكم يحق لأي كان وصفها بالوهمية ؟ ودعوني أورد لكم رأي الدكتور عبدالله الموسى عميد كلية علوم الحاسب والمعلومات في جامعة الإمام محمد بن سعود الذي يرى في اعتراف صريح بأهمية التعليم الإلكتروني أن التعبئة الاجتماعية ضرورية للتفاعل مع هذا النوع من التعليم ، كما يشدد على ضرورة مساهمة التربويين في صناعة هذا التعليم. ختاما لابد من التأكيد على أن التعليم الأمريكي والأوروبي بطرقه المتعددة يأتي في الطليعة ولايمكن وصف شهادات خريجي الجامعات العالمية بأنها شهادات مزورة أو مباعة سلفا ، ومن حق أنظمة التعليم المحلية عدم الاعتراف بمن تشاء لكنها لاتسطيع تصنيف الجامعات العالمية وفق ما تراه فالجامعات العربية تحتل مراتب متأخرة في التصنيف العالمي بسبب الإصرار على رفض الأساليب الحديثة في التعليم والتقوقع على الذات والانكفاء على أنظمة معقدة لا تعترف بالجوانب البحثية والفكرية للطلاب. لقد تغير الزمن وتحرك قطاره صوب مرافئ أكثر تحضرا ومواكبة للتقنيات الحديثة في مجال الإنترنت وما شابهها .