--- يا جبال الظهاره سلمي لي على منعا ---

الأمير خالد الفيصل امير عسير سابقا .. كان ولا يزال يحتل مكانه خاصة في قلب كل جنوبي .. وذلك لما قدمه خلال الأربعين سنة من جهود مذهله للنهوض بالمنطقه والرقي بها .. وتوصيل كافة الخدمات بها في زمن مذهل ..
هذا الأمير (( الجاد)) قام قبل فترة بخطوة تاريخية تحسب له .. وهي افتتاح سوق عكاظ .. ذلكم السوق الذي كان يمثل خلال حقبة من التاريخ محفل سنوي تجتمع فيه العرب ..

ففيه كان يحتفل الشعراء .... بإلقاء افضل قصائدهم ..

وفيه كانت تحل الخصومات ..

وفيه تعقد المؤتمرات الهامه ..

والحقيقة انني استغرب كيف ان هذا السوق ظل مهملا طوال الفترة الماضيه .. حيث ان هذا السوق بذاته .. هو تاااريخ بأكمله !!
.
.
.

.

ومن اجمل القصص واروعها حول هذا السوق .. ومكانته ..هذه القصه ..

كان هنالك رجل يكنى بــ ((المحلق الكلابي )) واسمه الحقيقي هو عبد العزى بن كلاب . وسمي المحلق .. لأن حصاناً له عضه في وجنته .. فحلق فيه حلقة ..

المهم كان المحلق هذا فقيرا (( منتفا)) لا يملك قوت يومه .. وكان له تسع بنات ما تزوج منهن واحده وذلك لفقره وهوانه عند الناس ..ً.

وكان الشاعر الشهير (( الأعشى)) يوافي سوق عكاظ في كل سنة

فقالت له امرأته :

يا أبا كلاب ، ما يمنعك من التعرض لهذا الشاعر …. فما رأيت أحداً اقتطعه إلى نفسه إلا وأكسبه خيراً .

قال لها : ويحك يا إمرأة وماذا نطعمه وما عندي غير ناقتي ، وعليها الحمل !!!؟؟

قالت : انحرها له و يخلفها الله عليك.

فظل المحلق يتردد حتى جاوز الأعشى دياره .. ولكن امرأته ألحت عليه وقالت .. لا تزال امامك فرصة .. فإنك إن لحقت به وأكرمته فهذا أبلغ وأجزل في الكرم ..
.
فأرسل (( المحلق)) ابنه ومعه ناقته (( رأس ماله)) حتى لحق بالأعشى فنصب له خيمه .. ونحر له الناقه .. وكشط له عن سنامها وكبدها .. وأكرمه .. وقدم له الشراب .. حتى اذا انتهى الأعشى .. قال يا غلام من هو سيدك .. قال (( المحّلق)) ..

قال.. رجل كريم وشريف .. ابلغ سيدك ان موعدنا عكاظ .. فلن استطيع ان ارد له كرمه وحسن ضيافته الا في عكاظ ..

المهم ..

ووصل الأعشى الى عكاظ ...

والقى قصيده (( المعلقه )) .. قال في بعض ابياتها يمتدح المحلق ..

لعمري لقد لاحت عيونٌ كثيرة ٌ .... إلى ضوء نار باليفاع تحرق
تشب لمقرورين يصطليانها .... وبات على النار الندى والمحلق
رضيعي لبان ثدي أمٍ تحالفا ... بأسحم داجٍ عوض لا نتفرق

وهكذا دخل المحلق التاريخ من اوسع ابوابه .. حيث مدحه شاعر عظيم .. في سوق عكاظ العظيم الذي تجتمع العرب فيه من كل حدب وصوب ..

واصبح الناس يشيرون الى المحلق عند رؤيته قائلين (( هذا هو المحلق الذي ذكره الأعشى في قصيدته .. وهو من أكرم العرب )) ..

وما مر على المحلق شهر واحد ... حتى تزوج بناته التسع ... واخذت العرب تتسابق الى خطبة بناته رغبة منهم في هذا الشرف العظيم ..!!!!

هذا هو الشعر .. وهذا ما كان يقوم به من إعلام ...

.
.
.
.


ومن الأمثلة ايضا على ان الشعر ديوان العرب .. وانه وسيلة اعلامية قوية ..

القصيدة الشهيرة (( يا جبال الظهاره سلمي لي على منعا )) ..

فماهي ((منعا)) لولا هذا الشاعرالذي جعلها أشهر جبل في المنطقه ..

من كان سيعرفها .. او يعلم عنها شيئا .. خصوصا لو علمنا انها مجرد جبل أصم .. ليس فيه ما يستحق كل هذه الشهره ...

ولكنه إعلام الشعر والشعراء ..!!

كذلك الجبل المسمى (( حرفه)) .. جبل أصم لا تستطيع حتى الجن ان تستوطنه .. ولكن الشعراء صنعوا منه .. معلما تاريخيا ... لا يمكن ان تذكر بني عمرو بدونه !!!

اتمنى ان يعود سوق عكاظ كما كان ... مركزا حضاريا .. وفكريا .. وعربيا .. وان يستعيد مكانته التاريخيه .. وان يعود اليه الشعر والشعرااء .. ليكون عكاظ ملتقى الشعراء .. وليعود الشعر كما كان (( ديوان العرب))