مناظرة الشيخ العبيكان مع أبو بصير الطرطوسي.. إنّا لمنتظرون
غازي المغلوث*
بلغة عنترية حنجرية رفع عقيرته أبوبصير الطرطوسي أحد أعمدة الغلو والتكفير في العالم الإسلامي بتحدي عدد من مشايخ المملكة بالمناظرة، وانتضائه الحجج للجاجهم حول نقطتين محوريتين: حكم الجهاد في العراق والعمليات الانتحارية، وشرعية الأنظمة السياسية، والحال أن بعض المشايخ تجاهلوا دعوته، وأعرضوا صفحا عنه، بحسبان أن ليس كل سوداء تمراً، ولا كل صهباء خمراً، والموضوع برمته دعاية مكشوفة، وحسن مجلوب، وجمال مكذوب لبضاعة الخوارج القديمة، التي عفا عليها الزمن، وأكل عليها الدهر وشرب، لكن صاحبنا، هطلت غيومه، ودمدمت رعوده، وعصفت رياحه، واختال زهوا، ومشى تيها، وفتق مقولة بأن لا أحد يصمد أمامه من مشايخ المملكة، حتى نشرت جريدة الشرق الأوسط، وموقع الشيخ العبيكان خبرا مفاده: إن الشيخ عبدالمحسن العبيكان المستشار القضائي لوزارة العدل، عضو مجلس الشورى وافق على مناظرته في المكان والزمان الذي يرغبه، وبالوسيلة التي تلائمه. (الجمعة 18 رمضان 1426هـ - العدد: 9824) فما كان من صاحبنا إلا أن تبجح في موقعه الإلكتروني بقوله: نزولا عند رغبة القوم بأنهم يريدون مناظرة ومحاورة الطرف الآخر، إلا أنه لا أحد ينهض لمناظرتهم، لقوة حجتهم، وتهافت وضعف حجة الآخرين، وأننا كما يزعمون من أهل الجهل والكهوف والظلام لا نؤمن بالحوار ولا بالنقاش، حتى كاد الناس أن يصدقوا ذلك، مما حملنا على توجيه الدعوة لمناظرة القوم وذلك أكثر من سنة.. ندعوك للمناظرة علما أنك تتحلى بأمن وأمان لا نتحلى به، لأنك تمثل وجهة النظر التي يرتضيها القوم، بخلاف الذي نحن عليه. والحال أن المرء يشعر بأن الطرطوسي متلهف على هذه المناظرة، وكأنها فرصة يريد اهتبالها، وذاك واضح بتخصيصه صفحة رئيسية في موقعه الإلكتروني، ماجت فيها أمواجه، ولجت لجاجه، وهدر عجاجه، وأنشئ شراعه وساجه، عن كل ما يتعلق بإجراءات المناظرة، وجعل حركة التحديث فيها على قدم وساق، وألحق بها مخاطباته لأصحاب منتدى الإسلام اليوم أن يكون مكانا للمناظرة، إلا أن رد المنتدى كان بالاعتذار بوصف المنتدى ليس من اختصاصه إقامة المناظرات، ثم ألحق مخاطباته لمنتدى (أنا المسلم) بإقامة المناظرة إلا أنه لم يرد عليه حتى الآن، ثم مخاطباته لمنتدى السقيفة، الذي رد بالموافقة على إقامة المناظرة، ثم قام بإثبات حضور وتواجد في منتدى السقيفة، ثم ختم صفحته الإلكترونية بأن هذه الصفحة مخصصة للمناظرة مع الشيخ عبدالمحسن العبيكان، وكل ما يستجد عليها من أحداث، وبالتالي هي خاضعة للتجديد والتحديث كلما استجد جديد، ليكون القرّاء والمتابعون على بينة من أمر المناظرة، وكل ما يتعلق بها. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فموقع الشيخ عبدالمحسن العبيكان لم يحفل بالمناظرة كما احتفى بها صاحبنا، وربما لا يوجد سوى خبر أو إشارة بقبول الشيخ المناظرة، فحضوره العلمي والإعلامي يجعله ليس بحاجة لمثل هذه المهاترات. ولئن كنا نأمل من الشيخ العبيكان عدم الموافقة أو الاستجابة لمثل هذه المناظرات المعروفة أهدافها سلفا من عناصر مشبوهة وملفوظة، وليس لها وزن فقهي أو علمي، وغارقة في الغلو والتكفير والتهييج من جحورها في العواصم الأوروبية،حتى يتم دفنها في التراب، إلا أن موافقة الشيخ فاجأتنا بحسباننا لسنا بحاجة إلى عرض بضائع القوم الإرهابية، وضلالهم القديم، واعتسافهم النصوص، وفهومهم المعوجة لنصوص الكتاب والسنة، ومن ثم كسب مساحات إعلامية وإنترنتية للذيوع والانتشار، ولاسيما ولله الحمد أن هذا الفكر والتيار بدأ ينحسر في المملكة، ويتلاشى، بعدما انكشفت خبيئته، وظهرت طويته للناس، وتراجع الكثير عن الأفكار الضالة، واعترافات مشايخه بالخطأ وإعادة المراجعة. إلا أنه مادام الشيخ وافق على هذه المناظرة، فلا مناص من محاججة الطرطوسي وأمثاله، بآثار فتاواهم وأقوالهم على البلاد والعباد، ومدى الخراب والدمار الذي ألحقوه بالدول الإسلامية، في مسألة شرعية الأنظمة، وكيف تراجعت الجماعات الإسلامية والجهادية في الجزائر ومصر، وبعض الدول العربية، وأصدرت كتبا في هذا الشأن تعلن توبتها النصوح من مثل هذا الفكر، أما مسألة العمليات الانتحارية فلئن يكن أجازها بعض العلماء للضرورة قديما وحديثا في مواجهة العدو الكافر، إلا أنها في العصر الحاضر، استحالت إلى فتيل مجازر لا يهدأ، وقتل للأنفس التي حرمها الله إلا بالحق، وتوجهت للأنفس المعصومة، ووظفت توظيفاً سياسيا مكشوفا، وقتل للنفس بدون مبرر، وبالأمس القريب قام المتهم بتفجيرات بالي في إندونيسيا بقتل نفسه بعد محاصرته من لدن قوات الأمن، فهل هذا يعتبر جهاداً أم عملية انتحارية أم مقتلة بالمجان؟ لعل الطرطوسي عنده الخبر اليقين!
الواااااافي66
|