وفاة سعد بن ابي وقاص ووصيته
وفاة سعد بن أبي وقاص ووصيّته ألمّ بسعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه مرضٌ، فعاده الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، ووضع يده على جبهته، فمسح وجهه وصدره وبطنه، وقال عليه الصّلاة والسلام: اللهمّ اشف سعداً وأتمّ له هجرته. وفيما بعد قال سعد: فما زلت يخيل إليّ أنّي أجد برده على كبدي حتّى الساعة. ثبت في الصّحيح من حديث مالك وغيره عن الزّهري عن عامر بن سعد بن أبيه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جاء يعوده عام حجّة الوداع من وجعٍ اشتدّ به، فقلت: (يا رسول الله، إنّي ذو مال ولا يرثني إلّا ابنة، أفأتصدّق بثلثي مالي؟ فقال صلّى الله عليه وسلم: لا، قلت: فالشّطر يا رسول الله؟ قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: لا، قلت: فالثّلث؟ فأجاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم: الثّلث والثّلث كثير، إنّك إن تذر ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تذرهم عالة يتكفّفون النّاس، وإنّك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله إلّا أجرت بها حتّى اللقمة تضعها في فم امرأتك، قلت: يا رسول الله أخلف بعد أصحابي؟ فقال: إنّك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله تعالى إلا ازددت درجةً ورفعة، ولعلّك أن تخلف حتّى ينتفع بك أقوام ويضرّ بك آخرون) ولمّا حضرت الوفاة سعداً دعا بخرق جبّة قديم فقال: "كفّنوني في هذه فإنّي لقيت فيها المشركين يوم بدر، وإنّما خبّأتها لهذا اليوم" وتوفّي سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه بالعتيق خارج المدينة المنوّرة سنة خمسٍ وخمسين للهجرة، وقد تجاوز عمره الثّمانين عاماً، فحمل على أعناق الرّجال فصلّى عليه مروان بن الحكم، وصلّى عليه أيضاً أمّهات المؤمنين اللواتي أدركنه، ودفن بالبقيع ، وهو آخر من مات من العشرة المبشّرين بالجنّة.
|