الإهداءات


المجتمع المسلم والفتاوى الأسرة ، الأباء ، الأبناء ، المرأة ، الشباب ، الارحام ، الجار ، الطفل

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-18-2017, 01:38 PM
مركز تحميل الصور
يوسف صالح غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 30874
 تاريخ التسجيل : May 2017
 فترة الأقامة : 2559 يوم
 أخر زيارة : 04-12-2022 (04:00 AM)
 المشاركات : 224 [ + ]
 التقييم : 1
 معدل التقييم : يوسف صالح is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي تجارة العلماء



تجارة العلماء


حدث علي بن الفضيل بن عياض قال: سمعت أبي يقول لعبدالله بن المبارك: أنت تأمرنا بالزهد والتقلّل، والبلغة، ونراك تأتي بالبضائع، كيف ذا؟


قال ابن المبارك: يا أبا علي، إنما أفعل هذا لأصون وجهي، وأكرم عرضي، وأستعين على طاعة ربي.

قال: يا ابن المبارك، ما أحسن ذا، إن تم ذا. (سير أعلام النبلاء جـ 8 ص 387).

ما فَقِهَ الإسلامَ مَنْ ظَنَّ أنَّ الزهد والفقر صنوان، فالمؤمن مطالب بالسعي والكدح، وطلب الرزق من كل طريق حلال، ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15]، والضرب في الأرض - طلبا للرزق ليصون المرء وجهه، ويعف عياله - عبادة وقربى إلى الله عز وجل، تَفْضُل الانقطاع إلى نوافل العبادات، والمداومة على الذكر وتلاوة القرآن.

بل إنَّ الله عز وجل عذر هذا الصنف من المؤمنين إنْ هم أجهدهم التماس الرزق وأعْجَزَهُم عن أداء النوافل، كما عَذَرَ المَرْضَى والمجاهدين في سبيله سبحانه وتعالى ﴿ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ﴾. الآية [المزمل: 20].

فالإسلام جاء لعمارة الأرض، واستخراج خيراتها، واكتشاف كنوزها، وتسخيرها، لكل ما يعود على الأمة والأفراد بالنفع والرخاء، وازدهار الحياة.

ولا يستطيع الإنسان العيش من دون مورد مالي، يسد حاجته وحاجة من يعول، وليس أمامه لتحقيق ذلك إلا سبيلان لا ثالث لهما:
إما أن يسعى ويجهد نفسه، ويبذل وسعه، ليؤمن ذلك لنفسه وعياله.

وإما أن يَمُدّ يده، ويبذل وجهه، وينتظر هبات الحكام أو صدقات المحسنين.

وما أباح الإسلام هذه الحال إلا لذوي الأعذار ممن ذكر القرآن الكريم تحديدا ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60].

إن المؤمن الصادقَ حريصٌ كل الحرص على ماء وجهه، وعلو يده، ويأبى حياة التطفل على أموال الناس وثرواتهم، لا سيما إذا كان من أهل العلم الذين يخالطون الناس ويعظونهم، ويَحْرِصُونَ على نشر الخير والهُدَى، ويأمرونَ بِالمعروف وينهَوْنَ عنِ المُنْكَرِ، ويُحارِبُون كُلَّ انحراف عن جادَّة الإسلام، وسُنن الإيمان.

وقد فَقِهَ أسلافُنا هذا، ووضعوا الأُمورَ في نِصابها. دونما خلط ولا تلبيس.

رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه شابا ملازما المسجد، ذاكرا عابدا، طالبا للعلم، فسأله: من ينفق عليك؟ قال: أخي. قال: "أخوك أعبد منك".

يا لله، للفهم الثاقب، والرأي الصائب! "أخوك أعبد منك"! فلكأني بعمر رضي الله عنه يقول له: لا تفرَحْ بِما أنت فيه، إنَّ الذي جئت تطلب قد خلفته وراءك! فقد فاز بالأجر ذاك الذي يضرِبُ في الأرض؛ يسقي الإبل، ويغرس النخل، ويحمِلُ الحجارة. وكيف لا يفوز وقد فارق الظِّلَّ الظليل، والماء النمير، وترك الزوجة والولد، وانطلق يسعى ويكدح، ليصون وجهه، ويعف ذويه.

لقد استقام هذا الفهم لأسلافنا طيلة قرون الخير والبركة؛ فهذا سعيد بن المسيب يعاتبه

بعض إخوانه على اشتغاله بتجارة الزيت - وهو من هو: وجاهة، ومكانة، وعلما، وعبادة - فتجهم وجهه، وعنف لائمه قائلا: "لولا هذه الدنانير لتمندل[1] بنا غلمان بني أمية، لكننا نصون وجوهنا، ونحفظ أحسابنا، ونصل أرحامنا، ونبلغ أمر ربنا، وليس لأحد في عنقنا منة تعقل ألسنتنا، أو تنحني لها جباهنا".

فما أحوج أبناء الدعوة - على اختلاف مشاربهم - إلى هذا الفِقْهِ الدقيق، والفهم العميق؟ يُرَبّونَ عَلَيْهِ شَبَابَهُمْ، فيكون لدى كل واحد من الموارد ما يصون وجهه، ويكرم عرضه، ويعينه على طاعة ربّه، وتبليغ دعوته. مستعْلِيًا على مَنْ جَعَلُوا المالَ وسيلةً لاستخدام العقول واستئْجار الأقلام، واستِصْدار الفتاوى، لتسويغ ما انْحَرَفَ من أخلاقهم وما اعوجَّ من سلوكهم، وما خرقوا من حدود الله.

[1] جعلونا مناديل يمسحون بها أيديهم.






رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تجارة العلماء ارياام المجتمع المسلم والفتاوى 9 06-21-2017 09:12 PM
تجارب عمري .. أبو ريان الصوتيات والمرئيات والفنون الشعبية 11 10-14-2012 09:23 PM
الرقم الذي حير العلماء الى اليوم الرقم ( 7 ) يحير العلماء .. الزعيم المواضيع المكررة 1 01-02-2007 06:00 AM
من تجارب الاخرين... حنونة مرا منتدى القصص والروايات 7 08-27-2005 09:45 PM


الساعة الآن 11:42 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir