حافة العالم بالرياض

افة العالم – Edge of the World
11 مايو، 2011 by حسين يونس
حافة العالم - Edge of the World

في يوم من الأيام، علمت صدفة في جلسة شبابية عما يُسمى بـ (حافة العالم – Edge of the World) كمعلم طبيعي في منطقة العُيينة في مدينة الرياض، وحافة العالم هو إسم يُطلق على كل معلم طبيعي يكون في غالبه عبارة عن نهاية أرض مستوية تطل فجأةً على وادي سحيق، وهي متواجدة في أكثر من منطقحة في العالم، وعلمت أيضاً بعد تجربة الزيارة الأولى لهذه الحافة، أنَّ الهيئة العليا للسياحة والآثار في المملكة العربية السعودية لم تُعر هذا الحدث الطبيعي على أرضها أي إهتمام يُذكر من حيث سهولة الوصول وتوفير الخدمات والإعلانات الترويجية … إلخ، لا على المستوى العالمي ولا على المستوى المحلي، وكنا نحن أيضاً في تلك الجلسة لا نعلم أي شيء عن الموقع على الإطلاق ولا حتى عن كيفية الوصول إليه، وكنا قد سمعنا عنه بمحض الصدفة من خلال موظفين أمريكيين وأوروبيين يعملون في شركة الإتصالات السعودية، وبعدما استهواني الأمر، فأخذت أبحث في الإنترنت لأستكشف المزيد من تفاصيل هذا المعلم وكيفية الوصول إليه، وهذا ما كان بالفعل … فقد عثرت على معلومات وصور خلابة … طبعاً كلها من مواقع أجنبية تشرح التجربة وكيفية الوصول، وحافة العالم تشبه وادي رم في الأردن أو صحراء نيفادا في الولايات المتحدة من حيث المنحوتات الطبيعية في الجبال والصخور.


بدأت الرحلة الأولى في شهر يناير عام ٢٠٠٨م وباءت بالفشل لعدم توفر الخبرة الكافية في إجتياز الصحراء، فقد علقت مركبتنا في الرمال لأكثر من ٤ ساعات حتى بعث الله من ينقذنا وينشلنا من عمق التراب، أعدنا الكرة بعدها بأسابيع قليلة كنا خلال هذه المدة أنا ورفاق المغامرة قد أعددنا العدة أفضل من المرة الأولى وكانت الرحلة ناجحة بجميع المقاييس، ولكننا لم نوفق في جمع مواد مرئية أنذاك لعدم توفر الأجهزة المناسبة لتسجيل الحدث، فكل ما سجلناه كان عبارة عن مشهد مرئي واحد وبعض الصور من كاميرا الجوال، وبقيت الرغبة قائمة في تسجيل هذا الحدث بأفضل الأدوات، وقد تحقق ذلك في يوم الجمعة الموافق للسادس من شهر مايو من هذا العام، حيث قمت مرة أخرى بزيارة هذا المعلم الجميل والقاسي بعض الشيء في طبيعته مع رفقه جديدة تزوره للمرة الأولى، وقد إندهشوا من روعة التجربة.

يسأل البعض … لماذا كل هذا الجهد وهذا الإندهاش؟

أقول وبالله التوفيق، نحن في حياتنا اليومية عبارة عن آلات عمل لا تغادر بيتها إلاَّ إلى المنشأة التي تعمل بها، ومن المنشأة إلى البيت من جديد، وهذا النوع من الحياة يؤدي إلى إنكسار بصر العين بشكل مستمر مما يؤدي إلى صداع مزمن وذاكرة واهية وضيق في الأفق والروح، ناهيك عن الإستنشاق المستمر في المنزل والعمل لعوادم المركبات والتي تنشأ من الكثافة الشديدة لأعداد المركبات في العاصمة السعودية الرياض، وهذا ما لمسناه عندما قمنا بزيارة حافة العالم وتمتعنا بطلاقة النظر إلى مسافات بعيدة وهواء نقي فوق قمة يزيد إرتفاعها على الـ ٣٠٠ متر، أي أعلى من برج المملكة في الرياض، أضف إلى ذلك الهدوء وسكينة المكان بعيداً عن ضوضاء المدينة.

لهذا المكان … العُيينة مكانة تاريخية لا يعرفها الكثيرون:

جغرافياً: كانت هذه المنطقة مطمورة تماماً تحت ماء البحر منذ ملايين السنين، إذ كان البحر الذي يغطي هذه المنطقة يُسمى “بحر هيدروس”، وكان ساحله يمتد إلى بدايات بلاد الشام، أي أنَّ الجزيرة العربية بأكملها كانت تحت سطح البحر، وهذا ما أكده لي الأستاذ «خالد بن سعود المبدل» والذي إلتقيت به في الرحلة الأولى صدفة على قمة الحافة، وكان هذا من حسن حظي بالتأكيد، فهو متخصص في استكشاف المدن السياحية في الرياض بشكل شخصي، وله كتاب ألفه بعنوان المنتزهات البرية في منطقة الرياض، وما أثبت كلام الأستاذ المبدل وجود الكثير من الشعب المرجانية المتحجرة في تلك المنطقة إضافة إلى سهولة تفتيت التربة رغم جفافها والذي يدل على تشبعها الكامل بالماء في يوم من الأيام.





دينياً: مرَّ من هذه المنطقة جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه في معركة اليمامة في زمن خلافة أبو بكر الصديق رضي الله عنه لقتال المرتدين وعلى رأسهم مسيلمة بن حبيب المعروف بـ “مسيلمة الكذاب”، أضف إلى ذلك إجتماع أكثر من ثمانين عالم من علماء المسلمين في بداية القرن الثامن عشر في منطقة العيينة بـ الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حيث كانت العيينة مسقط رأسه ومحل إقامته.

منقول مع خالص امنياتي لكم بالصحة والعافية د- زكريا العطاري بني هاشم