قراراً مباغتاً وتوقعته السعودية

"لاستامبا": الهدف خفض التوتر خشية تدخل سعودي..
ومحللون: اتفاق امريكي لتهيئة بيئة التفاوض
توابع "الزلزال الروسي".. مرتزقة الحرس الثوري
و"حزب الله" يتخلون عن الطاغية.. ماذا حدث ؟!

الرياض ــ سبق:-
كان قراراً مباغتاً للعالم وتوقعته السعودية، سبقه وزامنه تقلص للحضور الإيراني وحرسه الثوري في سوريا ومناورة؛ لتفادي الخسائر وانسحاب لبعض مقاتلي "حزب الله" الإرهابي وتخليهم عن الطاغية بشار الأسد، إنه القرار الروسي بالانسحاب من سوريا الذي فاجأ البيت الأبيض وأعجزه عن التفسير؛ إلا أن بعض المحللين رأوا أن هذا القرار ما هو إلا اتفاق "روسي- أمريكي"؛ لتهيئة الأرض للمفاوضة على الأزمة السورية، بينما رأى آخرون أنه يهدف لخفض حدة التوتر خشية التدخل السعودي في سوريا.

تحليل وتخمين

كل ذلك، في وقت تداولت فيه وسائل الإعلام العالمية، منذ مساء أمس، وعلى نطاق واسع، القرار الروسي بالانسحاب من سوريا، لتحتلّ التحليلات والتخمينات مكانة بارزة في كواليس الأحداث لتطرح السؤال الأبرز: "ماذا حدث؟ ولماذا اتخذت موسكو هذا القرار؟".

مفاجأة لأمريكا

وبين التخمين والتحليل جاء الإعلام الروسي ليؤكد بدوره أن القرار كان مباغتاً للإدارة الأمريكية، نافياً فرضية وجود تنسيق بين الطرفين؛ حيث قال موقع "روسيا اليوم" إن قرار "بوتين" شكّل مفاجأة كبيرة للمتحدثين باسم البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية، جوش إرنست وجون كيربي، فقد تناهى إلى أسماعهما عندما كانا يتحدثان مع الإعلام أثناء مؤتمرين صحفيين في واشنطن، أمس الاثنين.

عجز وامتناع

وصرح "كيربي"، رداً على سؤال في هذا الموضوع: "لم أعرف عن هذا الخبر قبل خروجي إليكم، وأودّ الامتناع عن الإدلاء بأي تعليقات عليه، ريثما أتمكن من النظر فيه وتقييم المسألة"، وعجز "إرنست" عن التعليق، قائلاً: "لم أرَ الأنباء حول هذا الموضوع، وفي هذه اللحظة يصعب عليّ التنبؤ كيف سيؤثر ذلك (سحب القوات الرئيسية الروسية من سوريا) في المفاوضات (حول تسوية الأزمة السورية)، وما هي التغيرات التي ستجلبها هذه الديناميكية؛ لذلك يجب النظر في ماهية النوايا الروسية".

مباغتة البيت الأبيض

وأوضح أنه لا يستطيع القول بعدُ ما إذا كان هذا القرار نتيجة اتفاق مع الجانب الأمريكي، وجاءت وكالة "سبوتنيك" الروسية لتركز على نفس الطرح لـ"روسيا اليوم"، موضحة أن القرار جاء مباغتاً للبيت الأبيض.

"حزب الله" ينسحب!

وفي سياق ذي صلة، أكد موقع إخباري لبناني (شيعي)، يرأس تحريره الصحفي علي الأمين، أن "حزب الله" سحب المئات من مقاتليه من سوريا، تنفيذاً لاتفاق "أمريكي- روسي" يدعم الحل السياسي في البلاد، في تصريحات وُصفت بأنها تزيد غموض الموقف.

غموض وعودة

ونشر موقع "جنوبية"، في وقت متأخر، مساء أمس الاثنين، أن "المئات من عناصر حزب الله الذين يقاتلون في سوريا بدأوا منذ عصر أمس (الأحد) بالعودة إلى منازلهم بالضاحية الجنوبية بشكل مفاجئ وكثيف دون سابق إنذار".

وقال الأمين لـ"الأناضول": "عرفنا من مصادر متقاطعة ومتعددة قريبة من حزب الله أن الحزب سحب المئات من مقاتليه في سوريا، بدأوا العودة إلى منازلهم وقراهم في لبنان منذ نحو 3 أيام".

اتفاق "روسي- أمريكي"

وكشف أن هذا الانسحاب "يأتي تنفيذاً لاتفاق روسي- أمريكي، يقضي بدعم العملية السياسية جدياً في سوريا، ومن ضمن ذلك انسحاب حزب الله، وتثبيت الهدنة، وجاء تتويج ذلك بإعلان بوتين مساء أمس بدء سحب أجزاء كبيرة من القوات الروسية في سوريا".

ليس جميع المقاتلين!

ولفت رئيس تحرير "جنوبية" إلى أن "الحزب سيسحب جزءاً كبيراً من مقاتليه في سوريا، لكن ليس جميعهم"، مرجحاً أن "لا يعلن الحزب عن ذلك بشكل رسمي"، مشدداً على أن "الانسحاب سيكون من مناطق مثل حلب، لكن الحزب لن ينسحب من دمشق والمناطق المحاذية للحدود اللبنانية مثل القلمون والزبداني".

مناورة لتفادي الخسائر

وإمعاناً في التحليل والتخمين دخلت صحيفة "لاستامبا" الإيطالية على الخط؛ لتصف قرار "بوتين" بأنه مناورة شديدة التعقيد؛ لتفادي خسائر كبيرة ومؤثرة لو استمر في التمسك بموقفه السابق، خاصةً خسارة العالم العربي، والدخول في مواجهة عسكرية مع السعودية.

التدخل السعودي

وفي قراءتها لأسباب الانسحاب العسكري الروسي، قالت "لاستامبا"، إن "بوتين" الذي تدخل بقوة في سوريا لإنقاذ الرئيس السوري بشار الأسد، قرر الخروج من سوريا؛ لتفادي تدخل مضادّ آخر تقوده السعودية التي أعلنت في نهاية يناير نيّتها التدخل العسكري في سوريا في ظرف شهرين، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، والتي حشدت قوات عسكرية سنية كبرى للمضي في مشروع التدخل البري في سوريا.

خفض التوتر

وأكدت "لاستامبا"، أن "الانسحاب جاء بعد محادثات واتصالات هاتفية كثيرة بين مسؤولين سعوديين وسوريين، ما يجعل سحب القوات العسكرية مع الاحتفاظ بالقواعد العسكرية الجوية، مقدمة لخفض حدة التوتر المتنامي بين العاصمتين الروسية والسعودية، وتفادي التدخل العسكري العربي؛ ذلك رغم استمرار العقدة الجوهرية في الخلاف بينهما، كما بدا في محادثات جنيف الأخيرة التي انطلقت الاثنين، التي يُمثلها مستقبل ومصير الرئيس الأسد".

تقلص حضور إيران

وكشفت الصحيفة أن روسيا ليست وحدها من انسحب من سوريا، بشكل مفاجئ، بعد إعلان موسكو احتفاظها بمركز "لمراقبة تماسك الهدنة، واستمرار قاعدتي طرطوس وحميميم في تسيير عمليات عادية غير عسكرية"، ذلك أن رياحاً كثيرة وجديدة تهبّ اليوم على سوريا، والتي ألمح لها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، منذ 25 فبراير الماضي، عندما تحدث عن تقلص الحضور الإيراني في سوريا".

الملالى وميليشيات عراقية!

وفي هذا السياق، قالت "لاستامبا" إن إيران سحبت سراً كل قوات الحرس الثوري، حسب مصادر أمريكية، وأشارت إلى أن الانسحاب الإيراني كان شرطاً روسياً للاستمرار في التعاون معها؛ ذلك منذ ديسمبر الماضي، ما يعني عملياً أن "الأسد" اليوم لا يعتمد إلا على ما تبقى من جيشه، وميليشيات "حزب الله" والميليشيات العراقية الشيعية الموالية له.