قصص وقصائد للشاعر سحيم العمري

بسم الله الرحمن الرحيم

[ سحيم بن ملفي العمري
سحيم بن ملفي العمري من سكان قرية ذا المضر إحدى قرى قبيلة بني كريم من بني عمر , لا يعرف تاريخ مولدة ولا وفاته على وجه التحديد ولكن في الغالب انه عاش في النصف الأخير من القرن الثالث عشر والنصف الأول من القرن الرابع عشر وذلك لانه عاصر الحرب التي دارت بين قبائل بني عمر والدولة العثمانية (الأتراك ) والتي ذكر الأستاذ عوض محمد ظافر العمري في كتابه أدب وتاريخ من بني عمر أن هذه الحرب وقعت عام 1332هـ وقد كان لشاعرنا سحيم قصائد كثيرة ذكر فيه هذه الحرب ووصفها وهذا دليل على أن وفاته كانت بعد عام 1332هـ وقبل دخول المنطقة تحت الحكم السعودي وذلك لانه ليس له أي قصائد في هذا الموضوع ومثله لا يسكت عن مدح الملك عبد العزيز يرحمه الله والحكم السعودي لو كان أدركه.
شــاعــر يتــه
عاش شاعرنا في عصر كانت فيه القبيلة هي المرجعية السياسية والإدارية الأولى , وكان الشعراء هم جميع أجهزتها الإعلامية فكل ما تريد القبيلة قوله تقول على لسان شاعرها . وكان من النادر أن نجد قبيلة ليس فيها شاعرا او اكثر والقبيلة التي ليس لها شاعر تعتبر قبيلة ضعيفة إعلاميا , حيث كان شاعر القبيلة يتصدى لجميع الهجمات الإعلامية من القبائل الأخرى .لذلك كان شاعرا شاملا له أشعار في اكثر أغراض الشعر من مدح, وهجاء , ورثاء و, غزل , ووصف , ونصح .
له أسلوب بسيط . استخدم المحسنات البديعية كثيرا في شعره من طباق وجناس , وتشبيه , وكناية والأمثلة على ذلك كثيرة من ذلك قوله :
بنيت المعـاني وهيضت قـافي
عبى الحصن بمعـونة والتقـافي
ولا يقتفي باني الحصـن قـافي
بنى حصـن حمزة في العـابديه
عبى : أي مثل وهو هنا يمثل معانيه في قصيدته ببناء الحصن فكأن قصيدته حصن حمزة في العابدية بمكة المكرمة .
ومن كناياته قوله:
يا عوض سر في الطريق الواسطة تي سار فيها بوك
واترك النحيا ولاتمشي بها وأحذر من الانشـاب
فإذا مـا سبقوك عند الظهر فاسبق عند عصرهـا
فإن بـركـة ذا في النصـبا بعيد عـن مسيـدنا
وفي هذه القصيدة فإن الشاعر استخدم كنايتين الأولى عند قوله يا عوض وهو ابنه الوحيد وفي الواقع انه لا يقصده بالنصيحة و إنما يقصد قبيلته
والثانية في قولة (فان بركة ذا في النصباء بعيد عن مسيدنا ) والقصد هنا ليس المسجد كما يظهر من البيت ولكن قصد إن الهدف الذي ذهبوا إليه قبيلته هدف بعيد بينما تركوا القريب .والأمثلة في شعره كثيرة تحتاج إلى ديوان وليس إلى مقال في صحيفة .
ولا يختلف اثنين على إن سحيم كان من كبار شعراء المنطقة في عصره ما لم يكن أفضلهم نظما ومعنى ووصف للأحداث ويعتبر قافه المشهور الذي يصف فيه حرب بني عمر مع الأتراك أطول وافضل القصائد التي ذكرت تلك المعركة .
جوانب من حياته
كان فقير يعيش عيش الكفاف له ابنتين هما سحمة و سعدى وله ابن واحد هو عوض حيث رزق به في أخر عمرة .كثيرا ما أورد اسمه في افتتاحية قصائده مثل قوله (قلت لك يا عوض طرق سبيحة وخذ من حبها )وقوله ( يا عوض سر في الطريق الواسطة تي سار فيها بوك ) وقوله ( يا عوض كم فيك م الزلة وعلم جيت به لنا ) على انه في جميع هذه القصائد لا يقصد ابنه عوض و إنما كان يقصد قبيلته كما قدمنا كان يعتمد بعد الله في معيشته على بلاده (مزارعه ) مثله في ذلك مثل باقي أبناء منطقته في تلك الفترة كان أحيانا يشتكي من حالته المادية مثل قوله
لم يكن من الشعراء الذين يتكسبون بشعرهم وقد يكون ذلك هو حال الشعر في تلك الفترة إلا إن ذلك لا يمنع انه اتصل بالشريف في مكة المكرمة ومدحه وحضي بعطائه وجائزته وجائزة ابنه روى لي هذه الرواية اكثر من واحد من بينهم آبي أمد الله في عمره وخالي مناع بن علي رحمه الله وقال انه كان مع سحيم في تلك الرحلة . ولكنني لم اعثر على القصيدة أو القصائد التي امتدحه بها .
نماذج من شعره
ذكر سحيم في شعره المعارك التي دارت بين القبائل في عهده قبل العهد السعودي الذي قطع دابر هذه المعارك والحروب القبلية والأخذ بالثأر أدامه الله ووفق القائمين عليه إلي ما يحب ويرضى . كما وصف الحرب التي دارت بين بني قبائل بني عمرو والأتراك في عدة قصائد اشهرها على الإطلاق قافه المشهور ونعدكم بنشره في مشاركة اخرى ان شاء الله 2_ قال يرحمه الله
(البدع ) يا لله إنا نطلبك يا ربنا يا السامع المجيب
هب لن صيف ويأتي للولد بر عساه يشاوي
ولد لي من ربايانا لقيت القلب له صخيف
وان منعنا الرب من شي فلا لي حيل اماري به
مالنا علم يجوز إلى بقولك يا عظيم الشارة
أنت ذا تنعم علينا و أنت راع المن والفضول
يا من أعطى كل نفس معرفتها واعتنى بها
********************************************
(الرد) مخفي التهمان صاح فعاب ولد كان لي حبيب
يا محمد قل لبن جيلاني إن كان اويطيق يداوي
هبت له ثوب ويقعد لي نسيب في الشتاء والصيف
ولا نادينا لبن طــه ولو ما ودي انـــاديه
قل له إن وده يناسبني وياهب للذمير بشــارة
كيدة له يوم سار العام يطلب مشبر الفضــول ***
وآنا ذا ساق الحساب مع الفقيه وسار جابها

قصص وقصائد
روى لي الشيخ ظافر بن عبد الله عدد من قصائد الشاعر سحيم التي لها قصص اخترت منها هذه القصائد التي أوردها لكم والشيخ ظافر أحد سكان قرية ذا المظر وهي قرية الشاعر وهو رجل مسن في الثمانينات من عمره تقريبا . سألته عن روايته لشعر سحيم ( قال أنا لم أدركه ولكن حفظت شعره من الناس الذين عاصروه ) وهو اكثر أهل المنطقة رواية لشعر سحيم العم ظافر له ذاكرة جيدة حسن الرواية له طريقة بديعة في إلقائه للشعر نادرا أن تجدها تجعلك تستمع إليه ولو لم تكن من محبي الشعر علما بأن صوته ضعيف للغاية .
1_ روى لي العم ظافر قال : لجماعتنا مزارع بعيدة عن القرية فإذا زرعوها جعلوا كل فرد من أفراد القرية يحمي تلك المزارع يوم وصادف أن كانت الحماية على سحيم بينما كان له شرب في نفس اليوم على بئر سماها بئر الشط . فما كان من سحيم إلا أن ذهب للسقاية على بئر الشط التي يسوق بها مزرعته القريبة من بيته وترك الحماية . وعندما عاد رعاة الأغنام مساءً اخبروا أن القردة قد اعتدوا في المزارع وتركوا أثارا فيها . فتسائل أهل القرية الحراسة اليوم على من ؟ قالوا على سحيم فقرروا معاقبته على مذهبهم بأن ينكلوه ( والكال عبارة عن ذبيحة يقدمها لهم عشاء تلك الليلة ) وعندما حضروا إليه ونكلوه والعائلة تجهز العشاء احب شاعرنا أن يداعبهم مستغربا ومستنكرا عليهم انهم نكلوه
(البدع ) سحمة ولاهي في ثرامين يامن راي سحمة
يا خوط برك زان فيك الثمر والطل هاوي
كل تمنى ياصلك غير من دونك بنا شبك
( الرد) *********************************
يقلون خل الزرع ذا في يدك والرايس احمـه
وان طرت عند الشمس لابد لك يا الساق هاوي
وان جيت تشرد طحت في حفرة من دونها شبك
ثم ارف بقصيدة أخرى قال فيها
(البدع) سحيم قال أي وقتنا عاضي عرى يدينا
وآي فكري آن ملا يدي فانثنى عرى جنوبي
يا فوق والبدوان ما فك عود من خلاله
عله بنو بارقة في البحر والنو حاتي
وكانت ابنته سعدى تسمع ما قاله والدها ( قال العم ظافر كانت شاعرة كبيرة ) فطلبت من ابوها إن يسمح لها بالرد ثم قالت
(الرد) يخسى غلام دس حب الربى عن الرايدينا
ما يستمع شور الجماعة ولو مره ينوبي
عله بقوم يا ظنيني تعلى با لخلا له
ويظل من طعن العدى صايح ومنوحاتي


قصص وقصائد 2
روى لي العم ظافر قال رزق شاعرنا سحيم على كبر سنه بولد اسماه عوض وقد زوج ابنتيه وبقي في البيت وحيدا هو وزوجته حيث إن المنطقة باردة والطريقة الوحيدة للتدفئة هي الحطب ذهب وجلب عود حطب لتتدفأ به زوجته وطفلها غير إن وقع وجرحت رجله وبعد إيصاله للعود خرج إلى خلف البيت يتشرق (هكذا رواها العم ظافر ويتشرق أي يبقى بمقابل الشمس صباحا أو مساءً ليتدفأ )ومرت عليه ابنته سحمه وهو على هذا الحال حيث كانت متزوجة في نفس القرية فقص لها قصة العود والجرح الذي أصابه ثم عقب بأنني قلت في ذلك قصيدة
(البدع ) كل بنى واعمر وصك الحداد ولاح بوبه
وآنا فعاد الييز في جالة والعمر في جال
إن كان ربي لم يثبت فعوزو من بنايه
لعاد قشاع فلا عدت خلف القاشع ابني
(الرد) ******************************
يا بر ما روس مع اهل البلاد الى حبوبه
وأنا فبمعوشتي كان سد العمر فنجال
يا حسفي يا حقنة هبت ذره من ونايه
ولا فـلا سـرني بـر عبس ولا شعبني
معاني بعض الكلمات: الييز : جذع شجرة كبير يوضع في منتصف السقف ويرص على جانبيه الخشب ويعرف عند البعض با لزافر .
عوزو: لا فائدة من هذا العمل القاشع – قشاع : الهادم حقنه : مزرعة شعبني : نفعني

والمقصود أن الذي يرزق بالبنات يربيهن وفائدتهن لغيرة . ويستطرد العم ظافر وكانت ابنته سعدى متزوجة في العرق عندما سمعت القصيدة
وهي الشاعرة والعارفة بمعاني الشعر طلبت من زوجها أن يوصلها إلى بيت أبوها وبقيت عند ابيها قرابة السنة وأبوها لا يعرف سببا لبقائها إذ
انه ليس بينها وبين زوجها خلاف ظاهر . وفي يوم لجاء سحيم إلى ابنته سحمة وسألها عن سبب بقاء أختها عنده فأخبرته أن أختها عندما
سمعت تلك القصيدة حلفت أنها لا تخرج من بيت أبوها حتى يتحرم منها (أي يقول لها محارم الله منك ) فعاد من فوره إلى البيت وتحرم منها
فعادت إلى بيت زوجها. [U]قصص وقصائد 3 [/U]
روى لي العم ظافر بن عبد الله أن سحيم نزل إلى تهامة مع أحد أصحابه ووجد بيتا فعرجا عليه وصنع لهم أهل البيت طعاما وعند خروجهم تعرضت له أبنت صاحب البيت بعد أن علمت انه سحيم وقالت له يا عم سحيم إن أبى يجبرني على الزواج من رجل من روس شري وهو رجل غني ولكنني لا أريده وإذا أجبروني على الزواج منه فسألقي بنفسي في البئر (قال وكانت البنت غاية في الجمال ) أريد منك أن تقول قصيدة في ذلك عل أبى يسمعها فيرجع عن رأيه فقال :
( البدع ) تشوقني يا هيكل يستوي اللماع بيده
له بارق في البحر ولبارقه لماع ساري
وأشوف تالي الليل متلالي لما عيوني
(الرد )**************
يا بن لا تنشب مع أهل الغلا لا اما عبيده
ولا تقبل في ملاوي شري درب عساري
وإذا دعوا لك با العمى قل لهم لا إما عيوني
عمر بن سكوت