رساله الى السيد(إحباط)

د. فايز بن عبدالله الشهري
السيّد "إحباط" شخصيّة نشطة. تراه يصول ويجول في مجالسنا ومكاتبنا وضيفا على الشاشات والصحف فقط لترويج الإحباط والكآبة بوصفه الوكيل الحصري لكل منتجاتها. السيّد "إحباط" لا يرى في الحياة غير الكآبة والوجوم ولا يعرف لسانه لغة خارج قاموس التبرّم والسخط والتشكيك في كل شيء. وعلى الرغم من أن الإحباط حالة مرضيّة إلا أن السيّد "إحباط" لا يعترف بذلك ويرى انّه الوحيد الذي يعرف ما لا يعرفه بقيّة الخلق.*
وحين يرى السيّد "إحباط" الوردة يتساءل عن عدد أشواكها وحين يرى شخصا يبتسم يسأل متى بكى آخر مرّة. وحين تأتي برامج الاكتشافات والتطورات الإنسانيّة والترفيه أمامه على التلفزيون يبدّل بين القنوات بحثا عن نشرات أخبار القتل والدمار مردّدا: "العالم على شفير الهاوية".
شاهد السيّد "إحباط" خبرا عن مشروع ضخم في مدينته وتصريح المسؤول بان المشروع سينتهي في أربع سنوات فقال متبرما أربع سنوات "مت يا حمار". وحين شاهد عالما من بني وطنه يشرح قضيّة علميّة أخرج لسانه في المجلس وهو يقول "خرط فاضي". وما لم يقله السيّد "إحباط" انه بنفسه مكث في الجامعة سبع سنوات ليحصل بعد معاناة على شهادة بكالوريوس بتقدير "مقبول" في تخصّص غير مطلوب. ذات مساء قرأ السيّد "إحباط" خبر تعيين شخصيّة وطنيّة في منصب رفيع فقلب الجريدة وقال: الوساطات تلعب دورها. ليلته لم يسأل ولم يفهم مغزى تعليق أحدهم وهو يلمّح بلؤم كيف تمكّن السيّد "إحباط" وهو خريج "جغرافيا" من رئاسة قسم تقنية المعلومات في مؤسسة عامة لولا "فزعة" أبناء عمومته في الإدارة العليا.*
قبل سنوات التقى رفيق دراسته الثانوية فأخذ يحدّثه عن مشروع تجاري وطموحه في إقامته وآماله بتوسعته، وفي اليوم التالي احضر له السيّد "إحباط" أرقاما وإحصائيات ليؤكد من خلالها فشل المشروع وتوقعات الخسائر ولكن صاحبنا تجاهله ولم يستمع لنصائحه. وحين حضر السيّد "إحباط" حفل افتتاح الفرع الثلاثين بعد سنوات على شرف رفيق دراسته علّق بعد الحفل قائلا: الله يعينك المنافسة شرسة فتبسم صاحبنا وقال: زدني من هذا الكلام فهو وقود حماسي لخطة توسع تشمل مناطق المملكة الرئيسة. ضحك السيّد "إحباط" من رفيق دربه ونسي سرّ إصراره على سماع المزيد من عبارات الإحباط.*
المعروف أن من وسائل التخفيف من حالات الإحباط عند معظم الناس الأسوياء القدرة على التوازن في إدارة حياتهم والأزمات التي تعترض طريقهم إلا أن السيّد "إحباط" يمتلك مهارة فريدة تتمثّل في قدرته على تحويل كل أزماته وإحباطاته إلى مجموعة مشكلات (يرى) أن على أقاربه ومعارفه المبادرة في حلها أو كما يقول "وش فايدتهم". ومن طرائف السيّد "إحباط" جوابه لسؤال متكرّر يصوّبه عليه قريب مشاكس حول سرّ تأخره الدراسي في الجامعة. السيّد "إحباط" له جواب واحد يلخّصه في تعرّضه لمؤامرة من القسم الجامعي حتى لا يعين معيدا بدليل أن الدكتور "فلان" حول تخصّصه من قسم إلى قسم بدافع الغيرة منه دون موافقته، ثم يعزّز كلامه بثبوت أدلة تؤكد أن أساتذة القسم العشرين "استقعدوا له" حتى لا يتفوّق.*
* مسارات..*
قال ومضى: استمع للمثبِّطين فقط لتعرف أسرار الإحباط كي تتجنّبها.

مقال قديم للشهري لكنه رااائع...تفائلوا بالخير تجدووووه..

مقال رائع فعلا
وياكثرهم سيد احباط في مجتمعنا
واحيانا يمكن نناقض انفسنا ونمارس هذا الشيء ع اللي حوالينا واتوقع ان هذي طبيعة البشر لكن لابد نحاول نكون ايجابيين مع غيرنا ومع انفسنا.

شكرا لك

مثل هذه الشخصية معاكسة للأخرى المتفائلة ..
لاشك بأن الإحباط كحالة تعتبر موجودة ولكن يجب أن لا يكون لها مكان
وأن لا تتردد حتى تكون حالة نشطة ..
المقال رهيب وأسقط جماليات رائعة مثل هذه النوعية ..
تقديري ..

مقآل رووووعه
تسلم ايدك يالغلآ
لروحك الود

الدكتور فايز رجل مثقف وواعي .
هنا اجاد الوصف والتعبير والتحذير فشكرا له .
وشكرا لك على النقل .

حياكم الله جميييعا
وجعلنا الله واياكم من المتفائلين والمحسنين الظن ..