عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 10-10-2002, 11:30 PM
غير مسجل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية :
 فترة الأقامة : 19862 يوم
 أخر زيارة : 01-01-1970 (02:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رسالة إلى نفسي الأمارة بالسوء



بسم الله الرحمن الرحيم
نفسي الحبيبة … أم أقول نفسي الشقية ..!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعلمي أنني لن أمل من الوقوف على رأسك .. وتقر يعك .. وتوبيخك ..ومحاسبتك . ومراقبتك .. ومعاقبتك بمنعك مما تحبين ..غير أني اليوم سأبحر بك إبحاراً جديداً ، لعل عروق حياءٍ ، تتفتح في غور قلبك ، فتنكسرين بين يدي الله حبا وشوقا وحياء .. وبعدُ .. وقبلُ ..
أسألك بالله .. أتحبين الله جل جلاله حقا وصدقا … ؟! وكيف لا تحبينه وهو الإله الواحد الفرد الصمد .؟ وكيف لا يمتلئ قلبك بحبه وهو المنعم الرزاق الوهاب ؟
ليس في الوجود نعمة إلا وهي منه سبحانه .. كل ما بنا ، ومعنا ، وفينا ، وما حولنا إلا وهو نعمة محضة من الله جل جلاله .. هذه الأنفاس التي تتردد . هذا العقل الذي يفكر .. هذا اللسان الذي يدور ولا يكاد يتوقف ..هذا القلب الذي يخفق دوما ..
هذه الحاسة الذائقة العجيبة .. هذه الذاكرة الرائعة ..هذه الأعصاب .. هذه الشرايين .. هذه العظام التي لا قوام للجسد بدونها .. هذه المسام الدقيقة .. هذه الأصابع .. هذه الأظافر .. إلى آخر القائمة العجيبة التي يكون منها جسدك .. قولي لي بربك الآن .. من أين تحصلت على هذه الأجهزة العجيبة كلها ؟
ثم قولي لي بربك .. كيف تتمكنين من تشغيلها وتوظيفها ، أنت نائمة مستغرقة ..؟! ثم إذا أضفت إلى ذلك .. هذه الأرض التي نعيش عليها .. من سواها ، من بسطها ، من هيئها ؟؟
هذه السماء التي تظللنا : من رفعها ؟ من يمسكها فلا تقع على رؤوسنا ..!؟ هذه الشمس الهائلة : من أشعلها ؟ من قدّر لها مكانها المناسب فلا تتقدم فتحرق أرضنا ، ولا تتأخر فيتجمد كل شيء ؟؟
هذا الليل الساكن .. هذا النهار الفياض .. هذا القمر الرائع .. هذه النجوم المتلألئة .. هذا الهواء العليل . هذه الأشجار المثمرة .. هذه الزهور المتراقصة .. هذه الطيور التي تسبح في الفضاء .. هذه السحب التي تزحف فوق رؤوسنا ولا تمطر إلا بقدر .. هذا التنظيم العجيب .. هذا التخطيط الدقيق .. هذا الإبداع الرائع .. من وراء كل هذا ؟؟ ولماذا فعل كل هذا ؟؟ أليس لنا ومن أجلنا ؟؟ أليس لأنه يحبنا ..؟
لله در القائل : انظرْ لتلك الشجـرة *** ذات الغصون النضرة
كيف نمــت من حبـةٍ *** وكيف صارت شجرة
انظر وقل من ذا الذي *** أبدع فيها الثمرة
ذاك هــــو الله الذي *** أنعـمهُ منهمـرة
ذو خبـرةٍ بـاهـرةٍ *** وقــدرة مقتدرة
نعم .. إنه الله سبحان ….. ومن عجيب أنه يرعانا كل هذه الرعاية ، ويهتم بنا كل هذا الاهتمام ، ويلطف بنا كل هذه اللطف .. ثم ، ثم نحن نغفل عنه ... !!!! ونعرض عن بابه ، ونتطلع إلى غيره !!؟
من عجب أن لا تمتلئ قلوبنا حتى أقصاها بحبه سبحانه ، وهذا كرمه معنا ، وهذا لطفه بنا ، وهذه ستره علينا !!؟ عجبٌ لا ينقضي منه العجب ..!! إنك يا عزيزتي تلاحظين .. كيف أن الإنسان منا لا يقبل لنفسه إذا أعطاه أحد هدية
__ مهما كانت صغيرة ومتواضعة _ لا يقبل لنفسه إلا أن يسارع إلى شكره عليها ، ويمدحه من أجلها ، ويحبه بسببها ، ويثني عليه عند الناس بمناسبة وبدون مناسبة_ لاسيما إذا كانت الهدية كبيرة وقيمة ولها وزنها _ أليس كذلك ؟؟ ......... بلى ورب الكعبة ..! بلي .. كلنا ذلك الإنسان ..
كلنا يفعل ذلك .. لأن العقل يدفعنا إلى ذلك . ولأن الشرع يأمرنا بذلك ..
إذن .... إذن .. فلماذا لا نفعل الشيء نفسه مع ربنا مولانا ورازقنا وخالقنا سبحانه ؟؟؟
لماذا لا نشكره على هداياه العظيمة التي لا نستطيع لها إحصاء فضلا عن أداء أقل الشكر لها !؟
لماذا لا تدور ألسنتنا في كل مكان نكون فيه ، ثناء على ربنا ومدحا له ، وتذكيرا به .؟!
لماذا لا تمتلئ قلوبنا حتى آخرها حباً لله جل جلاله وشوقاً إليه …؟!
لماذا نصر على أن نكون حمقى مغفلين _ ونحن نزعم أننا عقلاء في الصميم .!؟
أيتها النفس الحبيبة … لا تخادعين نفسك ..
قولك ( الحمد لله .. الشكر لله ) لا تكفي هذه الكلمات وحدها مجردة ..
لا يخدعنك الشياطين فيوحون إليك أن دوران لسانك بهذه الكلمات وحدها
كاف لأداء الشكر .. كلا .. كلا .. إن الشكر : قول باللسان .. وعمل بالجوارح والسلوك .. ومشاعر في القلب . إن الشكر الحقيقي... يملأ القلب بحب الرب .. حبا يدفع إلى المسارعة إلى طاعته ، والبعد عما يسخطه .. تعصي الإله وأنت تزعم حبه **** هذا لعمري في القياس شنيع لو كان حبك صادقا لأطعته **** إن المحب لمن يحب مطيعُ إن الإقبال على طاعة الله بهمة وفي شوق ، وفي فرح ، دليل واضح على ما يعتمل في هذه القلب من محبة للرب ، وشوق إلى ما عنده ، وخوف من وعيده وغضبه .. إن لم نفعل ذلك .. فمن الخاسر في النهاية ؟؟
ليس سوانا والله ......... نكد في الدنيا ، وعذاب في الآخرة …!!
فأين العقول التي نفاخر بها !؟
أما الله سبحانه فإنه الغني عنا وعن العالمين أجمعين .. أطعنا ، أم عصيناه .. لا طاعتنا ستزيد في ملكه شيئاً .. ولا إعراضنا عنه سينقص من ملكه شيئا ..!! ليس خاسر في هذه الصفقة سوانا ..!!
تفكري أيتها النفس الحبيبة .. تفكري وتدبري كثيرا في مثل هذه الأمور .. لقد قرر ربنا سبحانه أننا إذا أقبلنا عليه : ملأ قلوبنا نورا ، وسكينة ، ورضى ، وقناعة ، وأنسا ، وعزا ، وسعادة حقيقية.
أما إذا أعرضنا عنه ، فلا نلومن إلا أنفسنا .. سيملأ علينا حياتنا نكداً ، وضنكا ، وشقاء ، وحطام أعصاب ، وقلق نفسي عاصف ، وعذاب في الدنيا ، قبل عذاب الآخر . .. ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ..) … بل قال سبحانه : ( وإن تتولوا .. يستبدل قوماً غيركم ، ثم لا يكونوا أمثالكم ..)
فالمفتاح في أيدينا نحن .. وما ظلمنا ربنا سبحانه ولكنا كنا نحن الظالمين . ومن تقرّب إلى الله شبراً ، تقرّب الله منه ذراعاً .. ومن آتاه يمشي ، أقبل عليه هرولة .. أما من نسي الله ... فإن الله سينسيه نفسه .. !!! ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم .. ) .. أدعك الآن تتأملين هذه المعاني .... وتعيدين تدبرها والتفكير فيها ، لعل الله ينفعك بها ، فتلينين بعد قسوة .. وتخشعين بعد جمود ، وتتسامين بعد انحطاط وسفول ..! تقبلي تحياتي ، وخالص دعواتي ، فأنت الحبيبة التي لا أزال أخاف عليها ..!..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..




رد مع اقتباس