عرض مشاركة واحدة
قديم 11-13-2003, 12:49 AM   #5
الله يعطيك العافيه( كلمة شكر قليله عليك)


الصورة الرمزية الهاشم
الهاشم غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 535
 تاريخ التسجيل :  Oct 2003
 أخر زيارة : 06-28-2018 (06:47 PM)
 المشاركات : 5,521 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الفرضية الرابعة


يوجد مقصد إيجابي وراء أي سلوك


او

وراء اي سلوك مقصد ايجابي



وهنا اسمحوا لي ان اعتذر عن الشرح والسبب
ان العين ما تعلى عن الحاجب

هذا شرح وافي للدكتور عبد الرحمن الفيفي
ثم أود التعليق على الفرضية التي تقول : ( يوجد مقصد إيجابي وراء أي سلوك ) .
أحب أن أوضح أن المراد بهذه الفرضية : أن أي سلوك يصدر عنك وراءه مقصد إيجابي ( من وجهة نظرك أنت ) هو الذي يدفعك إلى ذلك السلوك .
إن استخدام كلمة ( مقصد ) دون غيرها ، واضحة الدلالة على أن الحكم بإيجابية الدافع هو حكم صاحب السلوك ذاته ، بغض النظر عن رأينا نحن أو رأي الآخرين في هذا الدافع . فهي باختصار تقرر أن لكل إنسان دوافعه الذاتية وراء أي سلوك يقوم به ، و أنه ينظر إلى هذه الدوافع على أنها إيجابية ، أما موافقتنا نحن على إيجابية هذه المقاصد أو معارضتنا فأمر آخر .
دعوني أضرب لكم مثالا : ( فلان من الناس يتعاطى المخدرات ).
إن هذا سلوك غير سوي ولا شك من وجهة نظر الشرع والعرف والصحة والأخلاق .... الخ
لكن ما هي وجهة نظر صاحب السلوك نفسه و ما هي مقاصده .. دعونا نتصور الأمر جدلا من وجهة نظره .
لو سألناه لربما قال : أنا أجد شيئا من المتعة واللذة .. أنا أنسى بها الضغوط النفسية والاجتماعية .. هي تجعلني أجرأ و اقوى .. أو نحو ذلك .
إن هذه المقاصد التي يعبر عنها مقاصد إيجابية من وجهة نظره هو ، ويرى أنها مبرر كاف لتعاطيه المخدرات .. وقد نوافقه على بعضها مع اعتراضنا على السلوك .. فمن منا لا يسعى لتحقيق المتعة واللذة ، و من منا لا يحاول نسيان الضغوط النفسية والاجتماعية ، و من منا لا يحب أن يكون أجرأ وأقوى ، لكننا نسلك لتحقيق تلك المقاصد سلوكيات مشروعة مختلفة عن سلوكه ، فنتزوج لتحقيق المتعة واللذة ، و نتناول الطيبات من الرزق لتحقيق المتعة و اللذة .
إن المقصد الذي يدفعني إلى الزواج قد يكون عين المقصد الذي يدفع فلانا من الناس إلى ارتكاب فاحشة الزنى ، لكن شتان بين السلوكين .
حتى لو تصورنا أن فلانا من الناس يتعاطى المخدرات بقصد الانتحار ، أو أن فلانا يرتكب الزنا انتقاما ونكاية بآخرين ، فإن المقصد هنا سلبي بل هو إبشع من السلوك ذاته ولا يمكن أن نعتبره إيجابيا ، لكن لو سألنا عن المقصد العميق لوجدنا أنه يريد الانتحار طلبا للراحة أو هربا من الضغوط ، و يريد النكاية بالآخرين انتصارا لذاته ، وهو لا شك ينظر لهذه المقاصد على أنها إيجابية من وجهة نظره هو .
لكن ما رأينا نحن ؟ هذا شيء آخر .
وأحب أن أبين أيضا أنا نفهم من استخدام كلمة ( مقصد ) بصيغتها المفردة ، أن هناك مقصدا إيجابيا وراء السلوك وليس بالضرورة أن تكون كل المقاصد إيجابية حتى من وجهة نظر صاحب السلوك .
وكلمة ( إيجابي ) في نظري أعم بكثير من كلمة ( نفعي ) المقترحة .

خلاصة القول : إن علم البرمجة اللغوية العصبية لا يريد من هذه الفرضية أن يقول لنا ( إن الغاية تبرر الوسيلة ) أو ( أن النية تبرر السلوك ) ولا يدعونا أبدا إلى أن نعذر كل أحد في كل سلوك ، ولكنها تعلمنا شيئا مما يدور في نفس صاحب السلوك و تجعلنا نفهم كيف يفكر وكيف ينظر هو لذلك السلوك ، ولا شك أن هذا يساعدنا كثيرا على التعامل معه وعلاج انحراف سلوكه ، ولا سيما إذا أردنا استخدام أسلوب المجاراة و القيادة .

أود أن أشير إلى أنه من خلال دوراتي المتعددة و حواري مع المتدربين حول هذه الفرضية ، وجدت أن كثيرين يرددون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات ، ويفسرونه بأن النية الإيجابية لا ينتج عنها إلا سلوك إيجابي و النية السلبية لا ينتج عنها إلا سلوك سلبي .. ولست أدري من أين جاء هذا التعميم ، فقد تكون نية الشخص إيجابية لكن اجتهاده البشري القاصر يجعله يرتكب سلوكا سلبيا أو ضارا ، ونحن نعلم أنه حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عوتب من ربه في بعض سلوكياته التي كانت ولا شك نيته تجاهها إيجابية .. ومن هنا جاءت أحكام الإسلام في الخطأ و النسيان و ما استكره المسلم عليه .. وهذا نوع من فصل القصد على السلوك ، على أنا نؤمن بأن ميزان قبول الأعمال عند الله هو النية والقصد ، ومهما كانت الأعمال إيجابية فإنها لا تكون مقبولة إلا بنية صالحة ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) .
وقبل أن اختم تعليقي أريد أن أشير إلى أن ثمة قصصا كثيرة من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أنه عليه الصلاة والسلام كان يراعي ولو مؤقتا المقاصد الذاتية الداخلية التي يراها صاحب السلوك إيجابية مهما كانت بشاعة السلوك ذاته ، وذلك في سياق علاج السلوك ،، فمن ذلك مراعاته للدوافع الداخلية للهذلي الذي جاء يستأذنه في الزنى ، فلم ينهره ولم ينتقد رغبته في إشباع غريزته ، بل لم يصرخ في وجهه بكلمة ( لا ) ، وإنما جعله يتصور الأمر من وجهة نظر الآخرين حين سأله إن كان يرضاه لواحدة من أهله ، ثم دعا له .
ومثل ذلك قصة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه الذي كتب كتابا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر فتح مكة ، و أعطاه امرأة وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا ، فجعلته في رأسها وفتلت عليه قرونها ، فحين كشف الله لنبيه الأمر ، ولحق علي والزبير رضي الله عنهما بالمرأة ، وعادا بالكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دعا حاطبا فقال : يا حاطب ما حملك على هذا ؟ فقال : يا رسول الله : أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما غيرت و ما بدلت ، و لكني كنت امرءا ليس لي في القوم أصل ولا عشيرة ، وكان لي بين أظهرهم ولد و أهل ، فصانعتهم عليه .
إن هذا في نظرنا نحن القاصر ( خيانة عظمى ) عقوبتها الإعدام ، و قد كانت كذلك في نظر عمر رضي الله عنه الذي استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضرب عنق حاطب ، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم تيقن أن نية حاطب إيجابية سليمة رغم خطأ سلوكه فعفا عنه وقبل اعتذاره .


وأعود لأكرر إن معرفتنا بالمقاصد الإيجابية وراء السلوكيات تساعدنا كثيرا على فهم الآخرين وتقويم تصرفاتهم وعلاج سلوكياتهم .

وما قصتك أختي أروى في مدرستك إلا شاهد على هذا ، فحينما نظرت للسلوك نفسه ( محاولة الرشوة ) رأيته بشعا ، لكنك حينما استشعرت المقصد الإيجابي وراءه ( الأمومة ) دفعك هذا لعلاج الأمر بطريقة مختلفة .

ربما كان للحديث بقية إن شاء الله .

ولكم جميعا تحياتي و تقديري .


 
 توقيع : الهاشم

الحسن ...
الحمد لله الذي أعادك إلينا...
دمت بين اخوتك...


رد مع اقتباس