..
[ حُقُوقُ النَّبِيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - على أُمَّتِهِ ]
مُقَدِّمَةُ المُؤلِّف ..
- - - - - - -
إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضلِل فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله ، أرسله بالهُدى ودِين الحق ليُظهِره على الدِّين كُلِّه ، وكَفَى بالله شهيدًا .
أرسله بين يَدَي الساعة بشيرًا ونذيرًا ، وداعيًا إلى الله بإذنه وسِراجًا مُنيرًا ، فهَدَى به مِن الضلالةِ ، وبَصَّرَ به مِن العَمَى ، وأرشد به مِنَ الغَيِّ ، وفَتَحَ به أعيُناً عُميً ا، وآذانًا صُمًّا ، وقُلوبًا غُلفًا ، فبَلَّغَ الرسالةَ ، وأدَّى الأمانة ، ونَصَحَ الأمة ، وجاهَدَ في الله حَقَّ جِهاده ، وعَبَدَ رَبَّهُ حتى أتاه اليقينُ مِن رَبِّهِ ، صلَّى عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا .
أمَّا بعد : فما مِن بِناءٍ إلَّا وله أصلٌ وأساسٌ يقومُ عليه ، وإنَّ أساسَ بِناءِ دِين الإسلام يقومُ على أصلين ، هما :
أ- عِبادة الله وحده لا شريك له .
2- الإيمان برسوله صلَّى الله عليه وسلَّم .
وهذا حقيقة قول "لا إله إلا الله ، محمدٌ رسول الله" ، فمَن خرج عن واحدٍ منهما ، فلا عمل له ، ولا دِين .
ومِن أجل ذلك ، فإنَّ مِن المتعَيِّن على كل مسلم أن يعرف ما يدل عليه كل واحد من هذين الأصلين وما يشتمل عليه من أمور وأحكام ، معرفةً تُخرجه من حَدِّ الجهل على أقل الدرجات ، وأن يلتزم بذلك اعتقادًا وقولاً وعملاً ؛ لينالَ بذلك الفوزَ والسعادة في الحياة الدنيا وبعد الممات .
وهذه الرسالة موضوعها الأصلُ الثاني من أصليْ هذا الدين ، وقد سَمَّيتُها :
"حقوق النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - على أُمَّتِهِ في ضَوءِ الكِتابِ والسُّنَّة" .
وقد دفعني إلى اختيار هذا الموضوع أهميتُه بالدرجةِ الأولى ، فهو - كما أسلفتُ - يُعنى بأحد أصليْ الدِّين "شهادة أنَّ مُحمدًا رسولُ الله" .
فمِنَ المهم والمفيد أن تُبحَثَ جوانبُ هذا الأصل ، وتُعرَفَ ، وتُعرَضَ وِفْقَ ما جاءت بذلك نُصوصُ القُرآن والسُّنَّةِ وَوِفْقَ ما كان عليه سَلَفُنا الصالحُ رضوانُ الله عنهم أجمعين .
وبخاصةٍ أنَّنا نعيشُ في زمانٍ قد حاد فيه كثيرٌ مِنَ الناس عن جادِّةِ الصوابِ في هذا الأصل ، واضطربوا اضطرابًا شديدًا .
فتجليةُ الأمر ، وتوضيحُ الصوابِ ، وبيانُ الحَقِّ في هذا الأصل ، مِن الواجباتِ المتعيِّنة على طلبة العلم في هذا الزمان ؛ نظرًا لعدم تَوَفُّر كِتابٍ بعينه يكونُ شاملاً لجميع جوانبِ هذا الموضوع ، وتطمئنُ له النفسُ مِن جهةِ سلامةِ ما احتواه ، يُمكنُ إحالةُ عامَّةِ الناسِ عليه .
فرأيتُ أنَّ مِنَ الرأيْ القويم أن أكتبَ في هذا الموضوع ؛ لأجمعَ فيه ما تفرَّقَ ، وأُرَتِّبَ ما تشتَّتَ ، وأشرحَ ما يحتاجُ إلى شرح ، وذلك وِفْقَ ما كان عليه مَنهجُ سَلَفِنَا الصالح مِن الاعتمادِ على نُصوص الكتاب والسُّنَّةِ ، ونقل كلام الصحابة والتابعين وأئمة هذا الدين رَضِيَ الله عنهم أجمعين .
.
تأليف : د. محمد بن خليفة التميمي
|